فيه ، وتجاوزوا ذلك إلى طرد سهل بن حنيف الأنصاري وكان عامل الإمام بفارس استضعافاً منهم له ، وبلغ ذلك الإمام فساءه الخبر ، وشاور أصحابه ومنهم ابن عباس فقال : أكفيك فارس ، وأرسل زياد ابن أبيه ومعه من الجند ما استطاع به أن يخضع تلك البلاد وضبطها حتى قال قائلهم : ما رأينا سيرة أشبه بسيرة كسرى أنو شروان من سيرة هذا العربي.
وبقي عاملاً على فارس بقية خلافة الإمام وأيام خلافة الإمام الحسن السبط ، واحتال عليه معاوية بعدُ حتى استلحقه ، فصار عدواً بعد أن كان ولياً ، كالّذي آتيناه آياتنا فاستهوته الشياطين فأنسلخ منها فأصبح من الغاوين.
وصار ابن عباس بعد ذلك إذا خرج إلى الكوفة استخلف على البصرة أبا الأسود الدؤلي.
لقد مرّت بنا بعض النصوص لها دلالتها على مدى ما اعتورت الإمام من محنٍ داخلية وخارجية حين صار أعداؤه يكيدونه بها ، وصار هو يتميّز غيظاً ، ويتفجر غضباً ، فهو حين يخطب ـ ولا أبلغ منه خطيب ـ لا يلفي السامع المجيب ، ولمّا استنهضهم وجدهم ثقالاً ، هم سمّاعون للكذب ، صمٌّ بكمٌ عن مواعظه ، فزاد ذلك في ألمه وبرمه ، وبلغ الحزن منه مبلغه. ومما جاوز الحد في ذلك دخول (عمرو بن الحمق وحجر بن عدي وحبّة العَرني والحارث الأعور وعبد الله بن سبأ على أمير المؤمنين (عليه السلام) بعدما افتتحت مصر وهو مغموم حزين فقالوا له بيّن لنا ما قولك في أبي بكر وعمر؟ فقال لهم عليّ (عليه السلام) : وهل فرغتم لهذا؟ وهذه مصر قد افتتحت وشيعتي بها قد قتلت. أنا مخرج إليكم كتاباً أخبركم فيه عمّا