أمّا عن الروايات الّتي ذكرت له مخالفات في آرائه السياسية : فأول حادث وحديث هو ما مرّت الإشارة إليه في أوّل خلافة الإمام (عليه السلام) في قضية مشورة المغيرة ، ورأي ابن عباس فيها ، واتخذها الكتّاب المحدثون سنداً في تجنّيهم على الإمام في سياسته حتى أشاعوا بين قرّائهم نفثاتهم فشل تلك السياسة حتى جرت عليه خوض الحروب ، فرأيت لزاماً عليّ أن أذكر بعض آراء الذين أنصفوا أنفسهم وأنصفوا قرّاءهم حين وعوا حقيقة الإمام وحقيقة سياسته ، وفنّدوا تلك المفاهيم الخاطئة ، فإلى قراءة في ذلك.
لك الله يا أبا الحسن كم تجنّى عليك المسلمون قديماً وحديثاً ، ولئن كان سيفك أزهق الكفار والمشركين فأورثك عداوة أبنائهم من الأولين ، فما بال الآخرين ثارت بلابل أشجانهم وأحزانهم فسفّت أحلامهم وأقلامهم فتجنّوا عليك بأنك رجل حرب وشجاع ، وليس رجل دولة وقيادة ، واتخذوا من سياستك الّتي هي جزء من دينك ، ومن صرامتك وصراحتك ، ذريعة للتطاول عليك. فجعلوا من مشورة المغيرة بن شعبة شاهداً ، ومن رأي ابن عباس عاضداً. حين أعرضت عنهما عامداً ، فيما عرضاه من إبقاء عمّال عثمان عاماً واحداً ، فأبيتَ أن تتخذ المضلّين عضدا ، حتى رووا أنّ ابن عباس قال لك في مشورته ما لا يكاد أن يُصدّق!
فقد روى الطبري وغيره عنه قوله : « أنت رجل شجاع لست بأرب الحرب ، أما سمعت رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم يقول : (الحرب خدعة) فقلت : بلى ، فقال ابن عباس : أما والله لئن أطعتني لأصدرنّ بهم بعد وِرد ، ولأتركنّهم