لقد اتفقت المصادر الحديثية والتاريخية وحتى كتب المقالات والفِرق ، القديمة والحديثة ، على انّ ابن عباس حاور الخوارج سواء في حروراء أو في الكوفة ، أو في النهروان ، واتفقت على غلبته عليهم بالحجة في موقفه معهم في حروراء والكوفة حتى استجاب لنصحه أعداد مر ذكرها عند ذكر المحاورتين مفصلة.
أمّا عن محاورته الثالثة في النهروان ، فقد كان رسولاً إليهم بين يدي الإمام ، ولمّا بلّغهم الرسالة وسألهم عمّا يريدون وطلبوا أن يكون الإمام هو الّذي يتولى جوابهم تقدّم الإمام وحاججهم حتى خصمهم ، فأناب منهم من أناب ، واعتزل من اعتزل ، وأخيراً دخل بعضهم تحت راية الأمان ، وبقي الآخرون الذين حصدتهم السيوف حتى كأنّهم قيل لهم موتوا فماتوا ، ولم يرد في شيء من تلك المصادر عن ابن عباس انقطاع حجة أو عجز عن بيان محجة ، فضلاً عن غلبة الخوارج عليه.
غير أنّ من العجيب الغريب أن أجد كاتباً من الأباضية وأحسبه من المعاصرين كما ورد بخطه في أوّل الكتاب تاريخ سنة ١٣٩٤ هـ يذكر هذا الكاتب ـ واسمه سالم بن حمد بن سليمان بن حميد الحارثي العاني الأباضي في كتابه (العقود الفضية في أصول الأباضية) (٢) ـ صورة محاورة جرت بين ابن عباس وبين الخوارج على خلاف جميع ما مرّ في تلك المصادر القديمة
____________
(١) ممّا استجدّ بحثه وإلحاقه بالكتاب.
(٢) العقود الفضية في أصول الأباضية ط دار اليقظة العربية في سوريا ولبنان.