وعندي أنّ بداية المسير كان في آخر سنة ثمان وثلاثين ، ولمّا كانت الوقعة في اليوم التاسع من صفر كما في أنساب الأشراف (١) فلابدّ أن تكون سنة تسع وثلاثين. فقد قال اليعقوبي : « وكانت وقعة النهروان سنة تسع وثلاثين » (٢) ، وقال ابن تغري بردى : « فيها ـ سنة تسع وثلاثين ـ أيضاً كانت وقعة الخوارج مع عليّ بن أبي طالب بحروراء ، وبالنخيلة قاتلهم عليّ فكسرهم وقتل رؤوسهم ، وسجد شكراً لمّا أتي بمخدّج اليد مقتولاً ... وكان رأسهم عبد الله بن وهب الراسبي ، وقد تقدم ذكرها في السنّة الماضية ، والأصح أنّها في هذه السنّة » (٣).
ومهما يكن الإختلاف في تعيين السنّة ، فلا خلاف في أنّ الإمام قاتل أهل النهروان فقتلهم وهم المارقون الذين حذّر منهم النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإنّهم شر الخليفة وأخبر عنهم : (يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يقتلهم خير الخلق والخليقة). وهو أمير المؤمنين.
وله (عليه السلام) كلام قاله بعد تلك الوقعة رواه البرقي المتوفى سنة (٢٧٤ هـ أو ٢٨٠ هـ) في كتابه : « قال : (والّذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد شهدنا في هذا الموقف أناس لم يخلق الله آباءهم ولا أجدادهم بعد) ، فقال الرجل : وكيف يشهدنا قوم لم يُخلقوا؟! قال (عليه السلام) : (بلى ، قوم يكونون في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه ، ويسلّمون لنا ، فأولئك شركاؤنا فيما كنّا فيه حقّاً حقّا) » (٤).
اللّهمّ فاشهد إنّا على ذلك وأنت خير الشاهدين.
____________
(١) أنساب الأشراف للبلاذري ٢ / ٣٦٢ و ٣٧٥.
(٢) تاريخ اليعقوبي ه٢ / ١٦٩.
(٣) النجوم الزاهرة ١ / ١١٨ ط دار الكتب المصرية.
(٤) المحاسن / ٢٦٣ برقم ٣٢٣ تح ـ السيّد جلال الدين الحسيني ط ايران.