الجواسيس ، وقد مرّت نقلاً عن نصر في وقعة صفين وأبي حنيفة في الأخبار الطوال ، ولئن لم يفصح عن اسمه معاوية فقد مرّ ذكر الأشعث وما كان له من مواقف خيانته ، فلم لا كان هو ذلك الآتي بخبر أهل العراق إلى معاوية؟ وستأتي شواهد على تآمر الأشعث ومواقفه الخيانية. وفيما مرّ كفاية حيث رأيناه وجماعة كانوا سفراء بين أهل العراق وأهل الشام ، وانهم تحدثوا إلى أهل الشام في أمر الحَكَم الّذي وقع عليه اختيار الإمام ، وإنّ أهل الشام لم يرضوا بابن عباس ، ومن هم أهل الشام الذين لم يرضوا بابن عباس؟ أليس هم معاوية وعمرو بن العاص؟ ولماذا لم يرضوا بابن عباس؟ أليس لما يعلمان من قوة حجته في بيانه ولسانه؟ ثمّ العجب كلّ العجب أن يعترض أهل الشام وعلى رأسهم معاوية وعمرو بن العاص على اختيار ابن عباس حَكَماً ، ويسمع اعتراضهم الأشعث ويناصره؟ ولا يسمع اعتراض الإمام على اختيار أبي موسى ليكون حَكَماً فضلاً عن عدم اعتراض الأشعث على اختيار عمرو بن العاص! إنّ هذا من المفارقات في المواقف ، ولا تخفى دلالتها على تبييت التآمر على ما يريده معاوية من الأشعث وجماعته اليمانية ، ولننظر لماذا أبى الأشعث وبالأحرى أبى معاوية وعمرو بن العاص ان يكون حَكَم اهل العراق هو ابن عباس؟ والجواب بكل بساطة انّه كان يتمتع بألمعية وذكاء مع تقوى الله سبحانه ، فهو سوف يدفع كيد عمرو وما دبّره ، فلا يغلبه عمرو بدهائه ، ولنضع لهما موازين القسط ، ولننظر أي الكفتين هي الراجحة؟