كما لا غضاضة لو قرّظ الإمام ابن عمه عندما تتكشّف الحقيقة للناس كما رآها ابن عباس ، وإن كان هو تلميذه ومن بحره ينزف وهو القائل ما علمي وعلم أصحاب محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في علم عليّ إلاّ كقطرة في سبعة أبحر. وقد دلّت الأحداث الآتية على صحة مضمون الخبر.
قال الدينوري : « وقال الأشعث ومَن كان معه من قرّاء أهل العراق : (قد رضينا نحن بأبي موسى) فقال لهم عليّ : (لست أثق برأي أبي موسى ولا بحزمه ، ولكن أجعل ذلك لعبد الله بن عباس).
قالوا : والله ما نفرّق بينك وبين ابن عباس ، وكأنك تريد أن تكون الحاكم ، بل اجعله رجلاً هو منك ومن معاوية سواء ، ليس إلى أحدٍ منكما بأدنى منه إلى الآخر.
قال عليّ (رضي الله عنه) : (فلم تَرضَون لأهل الشام بابن العاص وليس كذلك؟).
قالوا : أولئك أعلم ، إنّما علينا أنفسنا ... » (١).
وفي حديث نصر وقد ذكر رجوع الأشتر عن القتال وكلامه مع القرّاء والأشعث ـ إلى أن قال : « فسبّهم وسبّوه وضربوا بسياطهم وجه دابته وضرب بسوطه وجوه دوابّهم ، فصاح بهم عليّ فكفّوا.
فتصايحوا : إنّ عليّاً أمير المؤمنين قد قبل الحكومة ورضي بحكم القرآن ولم يسعه إلاّ ذلك ... فأقبل الناس يقولون قد رضي أمير المؤمنين ، وهو ساكت لا يبضّ بكلمة ـ (أي لا يتكلم) ـ مطرق إلى الأرض » (٢).
____________
(١) الأخبار الطوال / ١٩٢ ط تراثنا.
(٢) وقعة صفين / ٥٦٣.