للحسن » (١). وقال ابن عبد البر : « واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمر من بعده ، فالتزم بذلك كلّه معاوية » (٢).
ولكن معاوية قد استهان بهذا الشرط اُسوة بجميع بقية الشروط ، ولم يتحرّج من إعلانه ذلك في خطبته على ملأ من المسلمين فقال : « ألا وإنّ كلّ شيء أعطيت الحسن بن عليّ تحت قدميَّ هاتين لا أفي به » (٣).
ونحن إذا أردنا أن نحاسب رجال الإسلام السني على المعنى الّذي صاروا ينادون به تبريراً لحكومة الحاكمين ، وذلك هو مبدأ الشورى ، نجدهم عاجزين عن إثباته ولو لمرة واحدة. وفي يوم من الأيام في تاريخ حكومات الإسلام ، إذ أنّ معنى (الشورى) هو حقّ اختيار الحكام متروك للمسلمين ، وذلك فيه أيضاً من الفراغات ما يعجزون عن سدها ، إذ تبقى أساليب الاختيار مجهولة ، ويبقى اختلاف الرأي في جواز الثورة على الظالمين وعدمه يشكل عائقاً عن تطبيق مبدأ الشورى كما ينبغي أن يكون ، لأن من أكبر العوائق الطرح الّذي أحاطوه بأطار من قداسة الحديث النبوي الشريف : (أطعه وإن ضرب رأسك) (٤) وهو طرح زائف لاكته ألسنة وعاظ السلاطين كاستهلاك محلي بحجة اتقاء الفتنة وتبريراً لأعمال الحاكمين الظالمين ، لذلك رفض الشيعة طرح الفكر السياسي السني في مسألة الخلافة ، والتزموا بمبدأ النص الّذي طرحه القرآن وبلّغه النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيث
____________
(١) أنظر الاصابة ١ / ٣٢٩ ، وذخائر العقبى / ١٣٩ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ / ١٩٩.
(٢) الاستيعاب ١ / ٣٧٠.
(٣) أنظر شرح النهج لابن أبي الحديد (رواية السبيعي).
(٤) في صحيح مسلم كتاب الامارة ، باب الأمر بلزوم الجماعة ... في حديث حذيفة قال صلى الله عليه (وآله) وسلّم : تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ٦ / ٢٠ ط محمّد عليّ صبيح.