الله بن قيس هذا هو أبو موسى الأشعري ، ولقد تقدم منا ما يبصّر القارئ بحاله ، وأنّه كان ممّن لعنهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليلة العقبة بشهادة حذيفة وعمار فراجع.
وروى لنا ابن أبي الحديد فقال : « وكان عليّ (عليه السلام) يقول : اللّهمّ العن معاوية أوّلاً وعمرواً ثانياً وأبا الأعور السُلمي ثالثاً وأبا موسى الأشعري رابعاً فهذه صورة أخرى من صيغ اللعن » (١).
ومهما يكن من أمر فعلينا أن نعرف شرعية هذا الفعل على ضوء الكتاب والسنة ، لأن في نابتة العصر من ضاقَ ذرعاً بذلك ، بحجة (سُباب المسلم فسوق وقتاله كفر) (٢) أو بغيرها فهل يجوز لمثل الإمام في علو مقامه وكرم أخلاقه أن يلعن؟ وهذا سؤال لمن جاشت به بعض الصدور ولم تقو على الظهور ، فقد كان لهؤلاء أسلاف فيما مضى (٣) ومنذ عهد الإمام (عليه السلام) كما ستأتي الإشارة إلى ذلك.
أمّا الآن فإلى توجيه السؤال الّذي فرض نفسه وهو :
سؤال١ : هل للإمام أن يلعن أولئك النفر؟
ويستتبع هذا السؤال أسئلة أخرى هي :
سؤال٢ : ما الحجة في ذلك لو كان له الحقّ في اللعن؟
سؤال٣ : وما دام له الحقّ لماذا يلعن قبل ذلك التاريخ ـ أي قبل عودة الوفد العراقي من التحكيم بالنتائج المخزية المحزنة لخيانة الحكمَينَ ، وجناية المتآمرين ـ؟
سؤال٤ : هل كان لمعاوية حقّ الرد بالمثل؟
____________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ / ٢٨٨ ط الأولى.
(٢) مر تخريج مصادره.
(٣) لاحظ تاريخ الخلفاء لعبد الوهاب النجار / ٤٥٠ ط السلفية بمصر.