فهذان الكتابان خير دليل على خطأ الزبير بن بكار في زعمه تولية قثم على المدينة. نعم ذكر ابن قتيبة في الإمامة والسياسة فقال : « واستخلف على المدينة قثم بن العباس ـ وكان له فضل وعلم ـ وأمره أن يشخص إليه من أحبّ الشخوص ولا يحمل أحداً على ما يكره » (١). فلعل هذا الاستخلاف في فترة معينة لأمر معيّن ، تخيّله الزبير ـ بن بكار ـ ولاية عامة ، مع أنّ الثابت ان الوالي كان سهل بن حنيف ، ويؤكد ذلك ما جرى للناكثين بالبصرة مع أخيه عثمان بن حنيف حين أرادوا قتله قال لهم : ما شئتم ، أمّا أنّ سهل بن حنيف وال على المدينة وإن قتلتموني انتصر (٢).
والآن وبعد تولية قثم على مكة أصبح اثنان من ذوي القربى وليا لابن عمهما مكة واليمن ، ولم نسمع نفثة سخط ولا تأفف ناقم لولايتهما (٣) ، ولكن سنفاجيء القارئ برواية مجهولة الراوي تجعل من ولاية عبد الله بن عباس مثار نقمة وسخط ، وإثارة لغط استطال لسانه قائلاً : لماذا قتلنا الشيخ بالأمس. وتجعل
____________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ٥٠.
(٢) نفس المصدر / ٤٧٤.
(٣) نسب الصولي شعراًً للمأمون العباسي ذكره في حديثه مع الراضي بالله العباسي ، بيّن فيه سبب إحسان المأمون إلى العلوية وهو قوله :
ألام على شكر الوصِيّ أبي الحسن |
|
وذلك عندي من عجائب ذا الزمَن |
خليفة خير الناس والأوّل الذي |
|
أعان رسول الله في السرّ والعلَن |
ولولاه ما عُدّت لهاشَم إمرة |
|
وكانت على الأيام تُقصى وتُمتَهن |
فولى بني العباس ما اختصّ غيرهم |
|
ومن منه أولى بالتكرّم والمنن |
فأوضح عبد الله بالبصرة الهدى |
|
وفاض عبيد الله جوداً على اليَمن |
وقسّم اعمال الخلافة بينَهم |
|
فلا زلت مربوطاًً بذا الشكر مُرتَهن |
مروج الذهب ٤ / ٣٣٤ تح ـ محي الدين ط التجارية سنة ٣٧٧ هـ.