٦ ـ ومن كتبه (عليه السلام) إليه ما رواه الحافظ السروي في مناقب آل أبي طالب : « وكتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى ابن عباس : أمّا بعد ، فلا يكن حظك في ولايتك مالاً تستفيده ، ولا غيظاً تشفيه ، ولكن إماتة باطل وإحياء حقّ » (١).
ولنقف نحن عند هذا الكتاب ولنستعرض الشواهد في سيرة ابن عباس أيام ولايته فكم أمات باطلاً وأحيى حقاً.
فمن ذلك ما رواه أبو عبيد في كتاب الأموال عن الحسن البصري ، قال : « جاء رجل إلى ابن عباس فقال أتقبّل منك الأبلّة بمائة ألف ، قال : فضربه ابن عباس مائة وصلبه حياً » (٢).
فكان هذا منه بعضاً من إماتة الباطل الّتي أمره الإمام (عليه السلام) بأخذها حظاً من ولايته. فإنّ ابن عباس لمّا كان يقول : « القبالات حرام » (٣)؟ فأي طلب يتقدم به إليه إنسان يعتبره مخالفة شرعية لابدّ من تأديبه بما يقتضيه نظره ، ولمّا كانت العقوبة التأديبية شديدة فلابدّ أن تكون الجناية كبيرة ، ولا نعرف عظم الجناية إلاّ إذا عرفنا ما هي الأبلّة.
يقول ياقوت في معجم البلدان : « الأبلّة بلدة على شاطيء دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الّذي يدخل إلى مدينة البصرة وهي أقدم من البصرة ، لأنّ البصرة مصّرت أيام عمر ، وكانت الأبلّة حينئذٍ مدينة فيها مسالح من قبل كسرى وقائد.
____________
(١) مناقب آل أبي طالب ١ / ٣٧٠ ط الحيدرية.
(٢) كتاب الأموال / ٩٩ ط الكليات الأزهرية تح ـ محمّد خليل هراس سنة ١٣٨٨ هـ.
(٣) نفس المصدر / ١٠٠.