ويكفي في سقوطه جهالة بعض أصحابه ، ولو سلم سنداً ففي المتن ما يكفي في تكذيبه فان ابن عباس ممّن قاتل الذين طالبوا بدم عثمان فلماذا قاتلهم إذن؟.
وقال أيضاً : « حدّثنا موسى بن إسماعيل قال حدّثنا الصعق ابن حزن قال سمعت قتادة يقول حدّثنا زهدم الجرمي قال قال ابن عباس (رضي الله عنه) لأحدثنكم حديثاً ما هو بسرّ ولا علانية ، أمّا أنا فلا أسرّ ، دونكم وأمّا أنتم فلا أحب أن تعلنوه ، لمّا قتل عثمان (رضي الله عنه) قلت لعليّ (رضي الله عنه) اعتزل هذا الأمر قال : ألاقي استقداماً فيه ، وأيم الله ليظهرّن عليه معاوية تصديق قول الله ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) (١) وأيم الله لتحملنكم قريش على فارس والروم ، فإن تكونوا قوماً تكفرون وإلاّ تهلكوا وتكونوا كقرن من القرون هلك » (٢).
وحسبك في كذب الخبر أوّلاً : أنّ ابن عباس لم يكن حاضراً بالمدينة لمّا قتل عثمان بل كان أمير الموسم يقيم الحج للناس. وثانياً : لم يكن معاوية وليّ دم عثمان ، وإنّما أولياء دمه هم بنوه. فهل يجهل ذلك ابن عباس وإذا كان يرى أنّ معاوية ولي دم عثمان فلماذا حاربه في صفين؟
وقال أيضاً : « حدّثنا موسى بن إسماعيل قال حدّثنا حماد بن زيد عن أبي التيّاج عن غالب عن زهدم قال قال ابن عباس (رضي الله عنه) ، لأحدثنكم حديثاً ما أدري أحديث سر هو أم حديث علانية ، إنّي قلت لعليّ (رضي الله عنه) لمّا قتل عثمان (رضي الله عنه) : اركب رواحلك فالحق بمكة ، فان الناس سيتبعونك ولا يجدون منك بُدّاً ، فعصاني ، وأيم الله
____________
(١) الاسراء / ٣٣.
(٢) تاريخ المدينة / ١٢٥٥ ، وانظر مختصراً في العقد الفريد ٤ / ٢٩١.