إذ أقبل على الناس بوجهه ثمّ قال : أيتها الأمة المتحيّرة في دينها أم والله لو قدّمتم من قدّم الله ، وأخّرتم من أخّر الله ، وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله ما عال سهم من فرائض الله ، ولا عال ولي الله ، ولا اختلف اثنان في حكم الله ، فذوقوا وبال ما فرّطتم فيه بما قدّمت أيديكم : ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون ) (١).
١١ ـ ومن تكريمه لأهل العلم ، صنيعه مع أبي العالية رُفيع بن مهران ، قال : « دخلت على ابن عباس وهو أمير البصرة فناولني يده حتى استويت معه على السرير ، فقال رجل من بني تميم انّه مولى ، قال : وعليَّ قميص ورداء وعمامة بخمسة عشر درهماً » (٢).
وعند الذهبي : « فتغامزت بي قريش ، فقال ابن عباس : هكذا العلم يزيد الشريف شرفاً ، ويجلس المملوك على الأسرّة » (٣). وستأتي ترجمة أبي العالية وفيها شواهد عن ولائه لأهل البيت (عليهم السلام) في الحلقة الثالثة إن شاء الله.
١٢ ـ أتاه رجل بسعاية فقال له : « يا هذا إن كنت صادقاً مقتناك ، وإن كنت كاذباً عاقبناك وإن شئت أقلناك. فقال : أقلني » (٤).
وهذا مأخوذ من الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قولاً وفعلاً ، فقد أتاه رجل يسعى إليه برجل فقال : « يا هذا نحن نسأل عمّا قلت ، فإن كنت صادقاَ مقتناك ، وإن كنت كاذباً عاقبناك ، وإن شئت أن نقيلك. فقال : أقلني يا أمير المؤمنين » (٥).
____________
(١) أمالي الطوسي ١ / ٦٢ و ٩٧ مط النعمان والآية من سورة الشعراء / ٢٢٧.
(٢) انظر طبقات ابن سعد ٧ / ٨٠ ـ ٨٥.
(٣) سير أعلام النبلاء ٥ / ٢٠٨.
(٤) إحياء العلوم للغزالي بشرح اتحاف السادة المتقين ٩ / ٣٥٢.
(٥) نفس المصدر.