بها أحد كان قبلي ، ولا يحمده بها أحد بعدي ، فيقال : إرفع رأسك ، وقل تُسمع ، وسل تُعطه ، واشفع تشفّع ، قال : فارفع رأسي فأقول : أي ربّ أمتي أمتي ، فيقال لي : أخرِج من النار مَن كان في قلبه مثقال كذا وكذا ، فأخرجهم ، ثمّ أعود فأخرّ ساجداً ، وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي ، ولا يحمده بها أحد بعدي ، فيقال لي : ارفع رأسك ، وقل يُسمع لك ، وسل تُعطه ، واشفع تُشفّع ، فأرفع رأسي فأقول : أي ربّ أمتي أمتي ، فيقال : أخرج من النار من كان في قلبه مثقال كذا وكذا ، فأخرجهم قال : وقال في الثالثة مثل هذا أيضاً » (١).
وختاماً لحديثنا عن جهود ابن عباس في حقل التوجيه الديني والعلمي نختم بما جاء في أخبار الدولة العباسية بالسند عن أبي عرابة الهجيمي قال : « كان ابن عباس يفطّر الناس في شهر رمضان بالبصرة ، فكانوا لا ينقلبون في كلّ ليلة أن يسمعوا فائدة في دين أو دنيا ، فكانوا إذا فرغوا من العشاء تكلّم فأقل وأوجز ، فقال لهم ليلة : ملاك أمركم الدين ، وزينكم العلم ، وحصون أعراضكم الأدب ، وعزّكم الحلم ، وصلتكم الوفاء ، وطَولكم في الدنيا والآخرة المعروف ، فاتقوا الله يجعل لكم من أمركم يُسرا.
فقال رجل : يا أبا العباس من أشعر الناس؟ فإنا قد تمارينا في ذلك منذ اليوم فكان كلّ قوم يقول شاعرنا. وأقبل عبد الله على أبي الأسود فقال : يا أبا الأسود من أشعر الناس؟ فقال أبو الأسود الّذي يقول :
ولقد اغتدى يدافع ركني |
|
أجوليٌ ذو ميعة إضريجُ |
مخلطٌ مزيلٌ مِعَنٌ مِغَنٌ |
|
مِنفحٌ مِطرَحٌ سبوحٌ خَروجُ |
سَلهبٌ شرجَبٌ كأنّ رَماحاً |
|
حملته وفي السراة دُموجُ |
تتعادى به قوائم لأمٍ |
|
وحوامٍ صُمّ الحوافر عُوجُ |
____________
(١) مسند أحمد ٤ / ١٨٧ برقم ٢٥٤٦ و ٤ / ٢٤١ برقم ٢٦٩٢ تح ـ أحمد محمّد شاكر.