والّذي أراه في إحالة ابن عباس على أبي الأسود والسؤال منه من أشعر الناس؟ لأنّه لم يستسغ لنفسه الخوض في ذلك على أثر العظة وقد استنكر سؤال الأعرابي لذلك السبب ، وإلاّ فابن عباس أعلم الناس بذلك كما في محاورة له مرت في أيام عمر وقد سأله نفس السؤال فأجابه بأنّ ذلك زهير بن أبي سُلمى المزني لقوله يمدح قوماً من غطفان يقال لهم بنو سنان واستنشده من شعره فيهم فأنشده :
لو كان يخلد أقوام بمجدهم |
|
أو ما تقدّم من أيامهم خلدوا |
أو كان يقعد فوق الشمس من |
|
كَرَمٍ قومٌ بأولهم أو مجدهم قعدوا |
قوم أبوهم سنان حين تنسبهم |
|
طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا |
إلى آخر ما أنشده.
فجثا عمر على ركبتيه ثمّ قال : ما لهذا الشاعر قاتله الله ، لقد قال كلاماً حسناً ما كان ينبغي أن يقال إلاّ في أهل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لما خصّهم الله به من النبوة والكرامة. إلى آخر ما جرى بين ابن عباس وعمر حول صرف قريش الخلافة عن أهل البيت ، وأنتهت المحاورة بقول عمر لجلسائه : « لله در ابن عباس ، واهاً لابن عباس والله ما رأيته لاحى أحداً قط إلاّ خصمه ».
وهذه المحاورة مع أمثالها ستأتي في الحلقة الثانية من الموسوعة إن شاء الله تعالى.
وحسبنا ما ذكرنا من شواهد دلّت على جهوده وجهاده في نشر الوعي الديني في المجتمع البصري الّذي كان متخلّفاً كثيراً في هذا الجانب ، ولا شك في أنّ الولاة قبل ابن عباس يتحملون نصيباً كبيراً من وزر ذلك التخلّف ، ومن