فقال عثمان : حتى متى يا بن عباس يأتيني عنكم ما يأتيني ، هبوني كنت بعيداً ما كان لي من الحقّ عليكم أن أراقب وأن أناظر ، بلى ورب الكعبة ، ولكن الفرقة سهّلت لكم القول فيّ وتقدّمت لكم إلى الإسراع إليَّ ، والله المستعان.
قال ابن عباس : مهلاً حتى ألقى عليّاً ، ثمّ أحمل إليك على قدر ما أرى.
قال عثمان : افعل فقد فعلت ، وطالما طلبت فلا أطلب ولا أجاب ولا أعتب.
قال ابن عباس : فخرجت فلقيت عليّاً وإذا به من الغضب والتلظي أضعاف ما بعثمان ، فأردت تسكينه فأمتنع ، فأتيت منزلي وأغلقت بابي وأعتزلتهما. فبلغ ذلك عثمان فأرسل إليَّ فأتيته وقد هدأ غضبه ، فنظر إليّ ثمّ ضحك.
وقال : يا بن عباس ما أبطأ بك عنا؟ إنّ تركك العَود إلينا لدليل على ما رأيت عند صاحبك ، وعرفت من حاله فالله بيننا وبينه خذ بنا في غير ذلك.
قال ابن عباس : فكان عثمان بعد ذلك إذا أتاه عن عليّ فأردت التكذيب عنه يقول : ولا يوم الجمعة أبطأت عنا وتركتَ العود إلينا ، فلا أدري كيف أردّ عليه ... اهـ ) (١).
____________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ٣٩٣ ط مصر الأولى.