في حرب الجمل ، وأخذت تزداد في التنمر له ولمن يشايعه ويتابعه ، وساعدها على ذلك معاوية وبنو أمية ، فصارت مرجعاً في الحديث حتى فاقت بمروياتها جميع ما رواه أبوها وبقية الخلفاء وجميع أمهات المؤمنين ، وقد مرَّ في الجزء الأوّل ما يتعلق بها ، وصار من المتعيّن على من شايعها أن يجمع لها من بين ذلك الكم الهائل من أحاديثها ما يرفع من شأنها ، سواء صح أم لم يصح ، كما فعل الزركشي في كتابه ( الإجابة ) وقد مرّت بنا صفحات من كتابه ممّا يتعلق بابن عباس فكان نصيبه فيها ثمانية أحاديث مهلهلة سنداً ومتناً! لا يَسلم منها واحد من مشكلة سندية ، كما لا نجد واحداً منها منسجماً مع معنى الإستدراك ، لو أنصف المنصفون ، ولنستعرضها واحداً بعد واحد ، وإن كنّا قد ذكرنا الحديث الأوّل منها في الحلقة الأولى في الجزء الثالث فنستعيده لضمه مع ما تلاه من روايات ، لنرى مكان الصدق عند الزركشي فيما رآه فرواه.
شاهد واحد ردّت فيه عائشة فتيا فقهية لابن عباس بإصرار وعناد لغرض سياسي أكثر منه لبيان حكم شرعي! وتلك الفتيا فيمن أقام وأرسل الهدي تطوّعاً إلى الحرم ، هل عليه أن يجتنب عمّا يجتنبه المحرم كما هو رأي ابن عباس؟ أو لا يجب كما هو رأي عائشة؟
ورُوي عنها في ذلك عدّة أحاديث نافت على العشرة متفاوتة سنداً ومتناً ، حتى ليخيّل لناظرها أنّها في وقائع متعددة ، مع أنّ الأصل فيها واقعة