إلى عليّ عليه السلام فبايعوه طوعاً وتركوا أباك وصاحبَه ولم يرضوا بواحد منهما.
وأمّا قولك : إنّ معكم أمّاً مبرورة ، فإنّ هذه الأم أنتما أخرجتماها من بيتها ، وقد أمرها الله أن تقرّ فيه. فأبيت أن تدعها ، وقد علمتَ أنت وأبوك أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حذّرها من الخروج ، وقال : ( يا حميراء إياكِ أن تنبحكِ كلاب الحوأب ) ، وكان منها ما قد رأيت.
وأمّا دعواك مشاورة العامة ، فكيف يشاور فيمن قد أُجمع عليه ، وأنت تعلم أنّ أباك وطلحة بايعاه طائعَينَ غير كارهَين.
فقال ابن الزبير : الباطل والله ما تقول يا بن عباس ، وقد سُئل عبد الرحمن ابن عوف عن أصحاب الشورى فكان صاحبكم أخسّهم عنده ، وما أدخله عمر في الشورى إلاّ وهو يعرفه ، ولكنه خاف فتنة في الإسلام.
وأمّا قتل خليفة ، فصاحبك كتب إلى الآفاق حتى قدموا عليه ثمّ قتلوه وهو في داره بلسانه ويده ، وأنا معه أقاتل دونه حتى جُرحتُ بضعة عشر جُرحاً.
وأمّا قولك إنّ عليّاً بايعه الناس طائعين ، فوالله ما بايعوه إلاّ كارهَين والسيف على رقابهم ، غصبهم أمرهم.
فقال الزبير : دع عنك ما ترى يا بن عباس ، جئتنا لتوفينا؟
فقال له ابن عباس : أنتم طلبتم هذا ، والله ما عددناكم قط إلاّ منّا بني هاشم في برّك لأخوالك ومحبّتك لهم ، حتى أدرك ابنك هذا فقطع أرحامهم.