لكذبه ... ). وهذا لعمري يدلّ على مدى لوذعية الأفغاني وبُعدِ غوره في فهم الأخبار التأريخية (؟) فما دام لم يذكره الطبري فهو بترجيحه راج الخبر من بعده ، أو لعلّه علم به وأهمله لكذبه ...
أيّ ميزان هذا؟! فإنّ الطبري رجل جمّاع أخبار وليس بصَنّاع ، وهو يعترف في مواضع من تاريخه بأنّه قد لا يذكر من الحقائق التاريخية لعلّة هناك ، وقد يذكر العلّة أحياناً وقد لا يذكرها!
وقد مرّت بالقارئ بعض تلك الموارد في خصوص الفترة من زمن عثمان إلى خلافة الإمام عليه السلام ، لنقرأ تصريحات خطيرة للطبري ، وهي تعني ضياع الكثير من الحقائق التاريخية ، ولا نترك الأفغاني دون أن ننبّه على حبّه الشديد لأمّه ، فهو المدافع العنيد.
قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( حبّك الشيء يعمي ويصم )
حديث نبوي شريف أخرجه أحمد ، وأبو داود ، وابن حجر ، وابن كثير ، والقرطبي ، وآخرون غيرهم (١).
وقد وجدت الغلوّ في الحبّ يشتطّ بصاحبه حتى يخرج به عن الجادة إلى مهاوي سحيقة في الضلالة ، ولا شك أنّ العدوّ القالي كذلك على حدّ المحبّ الغالي في سوء العاقبة ، وتبقى الفضيلة وسطاً بين الرذيلتين الإفراط والتفريط.
لماذا هذه البداية؟ إنّها إثارة قراءة فاحصة في كتاب ( الإجابة فيما
____________________
(١) أنظر موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف ٤ / ٥٢٣ ط عالم التراث بيروت.