الله ربّ العالمين ، وأمّا قولك في قتلي ، فوالله لو فعلتَ للقيتَ الله ومحمّداً صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم خصمك ، فما أخاله أفلح ولا أنجح من كان رسول الله خصمه ، وأمّا ما ذكرت من أنّي ممّن ألّب على عثمان وأجلب ، فذلك أمر غبتَ عنه ، ولو حضرتَه ما نسبتَ إليَّ شيئاً من التأليب عليه ، وأيم الله ما أرى أحداً غضب لعثمان غضبي ، ولا أعظم أحد قتله إعظامي ، ولو شهدتُه لنصرتُه أو أموت دونه ، ولقد قلت وتمنيت يوم قتل عثمان ليت الذي قتل عثمان لقيني فقتلني معه ولا أبقى بعده ، وأمّا قولك لي العن قتلة عثمان ، فلعثمان ولد وخاصة وقرابة هم أحق بلعنهم مني ، فإن شاؤا أن يلعنوا فليلعنوا ، وإن شاؤا أن يمسكوا فليمسكوا والسلام ... ) (١).
والذي يلفت النظر أنّ معاوية ما زالت حجته المزعومة لإستباحة دماء بني هاشم هي قتل عثمان ، وكأنّهم هم الذين قتلوه ، مع أنّهم أبعد الناس عن تلك التهمة وهم برءاء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، لكن معاوية لا يمنعه من الافتراء مانع ، فليس له من الدين وازع ، وقد مرّ أن كتب لابن عباس يوم كان في البصرة كتاباً ضمّنه نفس تلك التهمة ، وردّ عليه ابن عباس بجواب مرّ ذكره وقد رد التهمة عليه.
أمّا جوابه في هذه المرّة فلا يخلو من ملاحظة تجعلنا في شك ممّا تزيّد فيه الرواة! في غضبه لعثمان غضباً لم يغضبه لأحد إلى آخر ما فيه من
____________________
(١) نفس المصدر ١ / ١٤٨.