حتى يأتينا بهذه الآية الخاصة ، وهي أن يرينا قربانا فتنزل نار من السماء فتأكله. ( قُلْ ) يا محمد ( قَدْ جاءَكُمْ ) أي جاء أسلافكم ( رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ ) بالحجج والدلالات الكثيرة وجاءهم أيضا بهذه الآية التي اقترحتموها ( فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ ) أراد بذلك زكريا ويحيى وجميع من قتله اليهود من الأنبياء (١). قوله : ( ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ ) [ ٧ / ١٣ ] وهو النبوة ، أي ادع متوسلا إليه بعهده ـ كذا في المجمع. قوله : ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا ) [ ٢ / ١٧٧ ] وقيل يدخل فيه النذور وكلما التزمه المكلف من الأعمال مع الله تعالى ومع غيره. قوله : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) [ ٢ / ٤٠ ] أي أوفوا بما ضمنتم أوف بما ضمنت لكم من الجنة. ومثله : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً ) [ ١٧ / ٣٤ ]. قوله : ( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) [ ٣٣ / ٢٣ ] أي إذا لقوا حربا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا.
وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ ».
أي ولا ذو ذمة في ذمته ولا مشرك أعطي أمانا فدخل دار الإسلام. والعَهْدُ يكون بمعنى اليمين والأمان والذمة والحفاظ ورعاية الحرمة والوصية ، ولا تخرج أكثر الأحاديث عنها. والعَهْدُ كالنذر وصيغته « عَاهَدْتُ اللهَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا » وتقول « عَلَيَ عَهْدٌ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا ويمين ». و « المُعَاهَدَةُ » من كان بينك وبينه عهد ، وأكثر ما يطلق في الحديث على الذمي ، وهو الذي أخذ العهد والأمان. ومنه الْحَدِيثُ « لَمْ يَبْعَثْنِي رَبِّي بِأَنْ أَظْلِمَ مُعَاهَداً وَلَا غَيْرَهُ ».
وقد يطلق على غيره من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب مدة ما. والذِّمَّةُ : اليمين.
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ صلى الله عليه وآله ٥٤٩.