ولا يطمعن في نكاح لكبر سنهن ، فقد قعدن عن التزويج لعدم الرغبة فيهن ، واحدتهن « قاعد » بغير هاء.
وَفِي الْحَدِيثِ ( الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ ) مَنْ قَعَدْنَ عَنِ النِّكَاحِ » (١).
قوله : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ ) [ ٢ / ١٢٧ ] القَوَاعِدُ جمع القَاعِدَة ، وهي الأساس لما فوقه ، ورفع القَوَاعِدِ البناءُ عليها لأنها إذا بني عليها ارتفعت.
وَرُوِيَ أَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ إِلَى مَتْنِهَا وَقَذَفَتْ فِيهَا حِجَارَةً أَمْثَالَ الْإِبِلِ وَبَنَى عَلَيْهَا إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ عليه السلام.
قوله : ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ) [ ٥٠ / ١٧ ] القَعِيدُ المقاعد كالجليس وفعيل وفعول مما يستوي فيهما الواحد والاثنان والجمع ، والتقدير عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد من المُتَلَقِّيَيْنِ ، أي الملكين الحافظين اللذين يأخذان ما يتلفظ به ، فترك أحدهما للدلالة عليه.
وَفِي الْحَدِيثِ « مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَلَهُ أُذُنَانِ عَلَى إِحْدَاهُمَا مَلَكٌ مُرْشِدٌ وَعَلَى الْأُخْرَى شَيْطَانٌ مُفْتِنٌ ، هَذَا يَأْمُرُهُ وَهَذَا يَزْجُرُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) (٢).
وَفِي الْحَدِيثِ « قَعِيدُ الْقَبْرِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٍ » (٣).
وسيأتي وجه تسميتهما بذلك إن شاء الله. وفِيهِ « إِذَا وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ يُقْعِدَانِهِ ».
الأصل فيه أن يحمل على الحقيقة ، ويحتمل أن يراد فيه التنبيه لما يسأل عنه والإيقاظ عما هو فيه بإعادة الروح إليه كالنائم الذي يوقظ ، ومن الجائز أن يقال « أجلسته عن نومه » أي أيقظته عن رقدته على المجاز والاتساع ، لأن الغالب من حال النائم إذا استيقظ أن يجلس ، فجعل الإجلاس مكان الإيقاظ. وفِيهِ « مَا مِنْكُمْ إِلَّا وَكَتَبَ اللهُ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ».
قال بعض شراح الحديث : المبهم الذي ورد عليه البيان
__________________
(١) البرهان ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٥٢.
(٢) البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ٢١٩.
(٣) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٣٩.