الْبَيْتِ بَعْدَ جُرْهُمَ فَبَنَى صَرْحاً بِأَسْفَلِ مَكَّةَ وَجَعَلَ فِيهِ سُلَّماً يَرْقَى فِيهِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يُنَاجِي اللهَ فَوْقَ الصَّرْحِ ، وَكَانَ عُلَمَاءُ الْعَرَبِ يَرَوْنَ أَنَّهُ صِدِّيقٌ مِنَ الصِّدِّيقِينَ ، وَكَانَ قَدْ جَعَلَ فِي صَرْحِهِ ذَلِكَ أَمَةً يُقَالُ لَهَا حَزْوَرَة وَبِهَا سُمِّيَتْ حَزْوَرَةُ مَكَّةَ.
ونقل عن الشافعي أن الناس يشددون الحزورة والحديبية وهما مخففان. والحَزْرُ : التقدير والخرص ، والحَازِرُ الخارص ، يقال حَزَرْتُ الشيءَ من بابي ضرب وقتل قَدَّرْته. ومنه « حَزَرْتُ النخلَ » إذا خرصته. و « حَزِيرَان » بالرومية اسم شهر قبل تموز.
( حسر )
قوله تعالى : ( يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ) [ ٣٦ / ٣٠ ] الآية. قيل هي حسرتهم على أنفسهم في الآخرة واستهزاؤهم بالرسل في الدنيا ، ونوديت الحَسْرَة تنبيها للمخاطب على معنى يا حسرة هذا أو أنك التي حقك أن تحضري فيه ، أو المعنى أنهم أحقاء أن يتحسر عليهم المتحسرون ، ويجوز أن يكون الحَسْرَة من الله على سبيل الاستعارة في تعظيم ما جنوه على أنفسهم وفرط إنكاره. قال الشيخ أبو علي :
وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام يَا حَسْرَةَ الْعِبَادِ عَلَى الْإِضَافَةِ إِلَيْهِمْ لِاخْتِصَاصِهَا بِهِمْ مِنْ حَيْثُ أَنَّهَا مُوَجَّهَةٌ إِلَيْهِمْ.
قوله : ( يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها ) [ ٦ / ٣١ ] قال الشيخ أبو علي : قيل عليه ما معنى دعاء الحَسْرَة ، وهي مما لا يعقل؟ أجيب بأن العرب إذا اجتهدت في المبالغة في الإخبار عن أمر عظيم جعلته نداء ، مثل ( يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ) و ( يا حَسْرَتَنا ) و ( يا وَيْلَنا ) ، قال وهذا أبلغ من أنا أحسر على التفريط. وحكي عن سيبويه أنك إذا قلت يا عجبا فكأنك قلت احضر يا عجب فإنه من أزمانك والضمير في فيها قيل هو راجع إلى الدنيا ، أي على ما تركنا وضيعنا في الدنيا من تقديم أعمال الآخرة ، وقيل إن الهاء تعود إلى الساعة أي على ما فرطنا في العمل للساعة والتقدم لها ، وقيل تعود إلى الجنة أي في