البهيمة تعرف النفع والضر وتنفر من العصا وتقبل إلى العلف وينزجر الكلب إذا انزجر وإذا اشتلى لبى والطير والوحش تنفر من الجوارح استدفاعا لشرها. والقرآن الكريم يدل على الإعادة ، وكذا كثير من الأخبار من الفريقين ، ويشهد لذلك أن كل واحد من الحيوانات يعرف أربعة أشياء : يعرف من خلقه ، ويعرف ما يضره وينفعه ، ويعرف الذكر الأنثى والأنثى الذكر ، ويعرف الموت.
وَقَوْلُهُ عليه السلام « لَوْ تَعْلَمُ الشَّاةُ مَا تَعْلَمُونَهُ مِنَ الْمَوْتِ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِيناً ».
يريد المعرفة التامة لا مطلق المعرفة. و « المَحْشِرُ » بفتح الميم وكسر الشين موضع الحشر ، وهو المَحْشَرُ بالفتح ، يقال حَشَرَهُمْ حَشْراً من باب قتل جمعهم ، ومن باب ضرب لغة. وحَشْرُ الأجساد : هو عبارة عن جمع أجزاء بدن الميت وتأليفها مثل ما كانت وإعادة روحه المدبرة إليه كما كان ، ولا شك في إمكانه والله تعالى قادر على كل ممكن عالم بالجزئيات ، فيعيد الجزء المعين للشخص المعين ، ولما كان حَشْرُ الأجساد حقا وجب أن لا تعدم أجزاء المكلفين وأرواحهم بل يتبدل التأليف والمزاج ، لما تقرر فيما بينهم أن إعادة المعدوم محال وإلا لزم تخلل العدم في وجود واحد ، فيكون الواحد اثنين. و « الحَاشِرُ » من أسماء النبي صلى الله عليه وآله ، وهو الذي يحشر الناس خلفه ممن هو على دينه وملته. وفي الحديث ذكر حَشَرَاتِ الأرض وهي صغار دواب الأرض كاليرابيع والقنافذ ونحوها. وقيل هي هوام الأرض مما لا اسم له ، واحدها حَشَرَة بالتحريك. وفي حياة الحيوان الحَشَرَات صغار دواب الأرض وصغار هوامها ، فمنها الحيات والجرذان واليربوع والضب والقنفذ والعقرب والخنفساء والنمل والحلم ونحو ذلك مما لا يحتاج إلى الماء ولا يشم النسيم (١).
( حصر )
قوله تعالى : ( سَيِّداً وَحَصُوراً )
__________________
(١) حياة الحيوان ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٣٤.