معناه والذين يعلمون بما يعملون لنهدينهم إلى ما لا يعلمون (١) قوله : ( وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ ) [ ٥ / ٣٥ ] أي في طريق دينه مع أعدائه ، قيل أمر الله بالجهاد في دين الله لأنه وصلة إلى ثوابه. قوله : ( فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً ) [ ٤ / ٩٥ ] معناه ـ على ما ذكر في التفاسير ـ هو أن الله فضل المجاهدين على القاعدين عن الجهاد من أولي الضرر ـ أعني المرض والعاهة من عمى وعرج أو زمانة أو نحوها ـ درجة وكل فريق من المجاهدين والقاعدين ( وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى ) أي المثوبة وهي الجنة ، ( وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ ) من غير أولي الضرر ( أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً ) ، فدرجة انتصب لوقوعها موقع المرة ، كأنه قال فضلهم تفضيلة ، نحو « ضربه سوطا » بمعنى ضربه ، وانتصب ( أَجْراً ) بفعل أيضا لأنه في معنى أجرى لهم أجراً و ( دَرَجاتٍ ) و ( مَغْفِرَةً ) و ( رَحْمَةً ) بدل من ( أَجْراً ). و « الجِهَادُ » بكسر الجيم مصدر جَاهَدَ يُجَاهِدُ جِهَاداً ومُجَاهِدَةً ، وبفتح الجيم : الأرض الصلبة ، وشرعا بذل المال والنفس لإعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الإيمان.
وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ ».
هو بفتح الجيم مصدر قولك « اجْهَدْ جَهْدَكَ في هذا الأمر » أي أبلغ غايتك. و « جَهْدُ البلاء » الحالة التي يختار عليها الموت ، وقيل هي قلة المال وكثرة العيال.
وَفِي الْخَبَرِ عَنْهُ صلى الله عليه وآله « جَهْدُ الْبَلَاءِ هُوَ أَنْ يُقَدَّمَ الرَّجُلُ فَيُضْرَبَ عُنُقَهُ صَبْراً ، وَالْأَسِيرُ مَا دَامَ فِي وَثَاقِ الْعَدُوِّ وَالرَّجُلُ يَجِدُ عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِهِ رَجُلاً ».
وفِيهِ « رَبِّ لَا تُجْهِدْ بَلَائِي ».
أي لا توصله إلى ذلك المقدار. وجَهَدَهُ الأمر : أي بلغ منه المشقة. وقولهم « لا أَجْهَدُكَ » أي لا أبلغك غاية ، أو لا أشق عليك ولا أشدد.
قَوْلُهُ « وَالْوَصِيَّةُ بِالرُّبُعِ جَهْدٌ ». أي غاية ونهاية.
__________________
(١) مجمع البيان ج ٤ صلى الله عليه وآله ٢٩٣.