العصاة وانتشار الفتن وضعف الإيمان.
وَفِي حَدِيثِ الدُّنْيَا « حُلْوُهَا صَبِرٌ » (١).
الصَّبِرُ بكسر الباء في المشهور : الدواء المر وسكون الباء للتخفيف لغة نادرة ، ولعل منه الْحَدِيثُ « يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ إِنْ شَاءَ بِصَبِرٍ ».
والكأس المُصَبَّرَة : التي يجعل فيها الصبر ، وقولهم « نسقيه كأسا مُصَبَّرَة » على الاستعارة. وفِيهِ « أَنَّ رَجُلاً اسْتَحْلَفَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِيَمِينِ صَبْرٍ ».
يمين الصَّبْرِ هي التي يمسك الحكم عليها حتى يحلف ، ولو حلف بغير إحلاف لم يكن صَبْراً ، وإن شئت قلت يمين الصَّبْرِ التي يصبر فيها أي يحبس فيصير ملزوما باليمين ، ولا يوجد ذلك إلا بعد التداعي. والأصل في الصَّبْرِ الحبس ، ومنه الْخَبَرُ « لَمْ يَقْتُلِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وآله رَجُلاً صَبْراً قَطُّ ».
ومِنْهُ أَيْضاً فِي رَجُلٍ أَمْسَكَ رَجُلاً فَقَتَلَهُ آخَرُ قَالَ « اقْتُلُوا الْقَاتِلَ وَاصْبِرُوا الصَّابِرَ ».
أي احبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت. وفِيهِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ شَيْءٍ مِنَ الدَّوَابِ صَبْراً.
وهو أن يمسك شيء من ذوات الأرواح حيا ثم يرمى بشيء حتى يموت.
وَفِي الْحَدِيثِ ، لَا تُقِيمُوا الشَّهَادَةَ عَلَى الْأَخِ فِي الدَّيْنِ الصبر [الضَّيْرَ]. قُلْتُ : وَمَا الصبر [الضَّيْرُ]؟ قَالَ : إِذَا تَعَدَّى فِيهِ صَاحِبُ الْحَقِّ الَّذِي يَدَّعِيهِ قِبَلَهُ خِلَافَ مَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى كَأَنْ يَكُونَ مُعْسِراً وَلَمْ يُنَاظِرْهُ ».
وَفِي الْخَبَرِ « مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ مَصْبُورَةٍ كَاذِباً فَكَذَا ».
واليمين المَصْبُورَةُ هي يمين الصبر ، قيل لها مصبورة وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور لأنه إنما صبر من أجلها ، أي حبس فوصفت بالصبر وأضيفت إليه مجازا. وفِيهِ « يَحْرُمُ مِنَ الذَّبِيحَةِ الْمَصْبُورَةُ ».
وهي المجروحة تحبس حتى تموت. و « صَبَارَّةُ القر » هي بتشديد الراء : شدة البرد. و « الصَّبُورُ » بالفتح من أسمائه تعالى ،
__________________
(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ٢١٧.