و « الحَمْدُ » هو الثناء بالجميل على قصد التعظيم والتبجيل للممدوح سواء النعمة وغيرها ، والشكر فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لكونه منعما سواء كان باللسان أو بالجنان أو بالأركان ، وعليه قول القائل :
أفادتكم النعماء مني ثلاثة |
|
يدي ولساني والضمير المحجبا |
فَالْحَمْدُ أعم من جهة المتعلق وأخص من جهة المورد ، والشكر بالعكس.
وَفِي الْحَدِيثِ « الْحَمْدُ رَأْسُ الشُّكْرِ ».
وإنما جعله رأس الشكر لأن ذكر النعمة باللسان والثناء على موليها أشيع لها وأدل على مكانها من الاعتقاد لخفاء عمل القلب وما في عمل الجوارح من الاحتمال ، بخلاف عمل اللسان الذي هو النطق المفصح عن كل خفي ـ كذا في الكشاف. وفِيهِ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَاصِلِ الْحَمْدَ بِالنِّعَمِ وَالنِّعَمَ بِالشُّكْرِ » (١).
قال بعض الشارحين : يعني أنه تعالى أنعم على سبيل التفضل أولا ثم أمر المكلفين أن يحمدوه على نعمه ، كما هو مركوز في بداية العقول ، ثم زادهم على حمدهم نعما أخرى كما قال ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ). ويمكن أن يقال إنه تعالى تفضل بالنعم أولا ثم أوصل ذلك بنعمة الحمد بأن ألهم عباده الحمد عليها ثم أوصل النعم بالشكر ، حيث قال : ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ )
وَفِي كِتَابٍ لَهُ صلى الله عليه وآله « أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللهَ إِلَيْكَ ».
أي أحمد معك ، فأقام إلى مقام مع ، وقيل أَحْمَدُ اللهَ إليك نعمة الله بتحديثك إياها. وحَمَّدَهُ : بالغ في تحميده مثل فرجه. و ( الْحَمِيدُ ) من أسمائه تعالى ، فعيل بمعنى مفعول ، أي المحمود على كل حال.
وَ « ابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودِ ».
الضمير للنبي صلى الله عليه وآله ، أي الذي يحمده فيه جميع الخلائق كتعجيل الحساب والإراحة من طول الوقوف ، وقيل هو الشفاعة.
وَفِي الْحَدِيثِ « حُمَادَيَاتُ النِّسَاءِ غَضُّ الْأَطْرَافِ ».
أي غاياتهن ومنتهى ما يحمد منهن غض الأطراف عما حرم الله تعالى.
__________________
(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٢٢.