غزوة تبوك ، قِيلَ فِيهَا كَانَ يُعَقِّبُ الْعَشَرَةُ بَعِيراً وَاحِداً وَكَانَ زَادُهُمْ الشَّعِيرَ الْمُسَوَّسَ وَالتَّمْرَ الْمُدَوَّدَ ، وَبَلَغَتِ الشِّدَّةُ بِهِمْ إِلَى أَنِ اقْتَسَمَ التَّمْرَةَ اثْنَانِ ، وَرُبَّمَا مَصَّهَا الْجَمَاعَةُ لِيَشْرَبُوا عَلَيْهَا الْمَاءَ. وَإِنَّمَا ضُرِبَ الْمَثَلُ بِجَيْشِ الْعُسْرَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله لَمْ يَغْزُ قَبْلَهُ فِي عَدَدٍ مِثْلَهُ ، لِأَنَّ أَصْحَابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ ، وَيَوْمَ أُحُدٍ سَبْعَمِائَةٍ ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ أَلْفاً وَخَمْسَمِائَةٍ ، وَيَوْمَ الْفَتْحِ عَشَرَةَ آلَافٍ ، وَيَوْمَ خَيْبَرَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً ، وَيَوْمَ تَبُوكَ ثَلَاثِينَ أَلْفاً ، وَهِيَ آخِرُ غَزَوَاتِهِ. وَقِيلَ سُمِّيَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ لِأَنَّ النَّاسَ عَسُرَ عَلَيْهِمُ الْخُرُوجَ فِي حَرَارَةِ الْقَيْضِ وَإِبَّانِ إِينَاعِ الثَّمَرَةِ.
قوله : ( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ) [ ٩٢ / ٨ ـ ١٠ ] أي بخل بما آتاه الله واستغنى ، ( وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ) بأن الله يعطي بالواحد عشرا إلى مائة ألف فما زاد
( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ) وَمَعْنَاهُ لَا يُرِيدُ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ إِلَّا يُسِّرَ لَهُ ـ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام. قَالَ الرَّاوِي ثُمَّ قَالَ ( وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى ) فِي نَارِ جَهَنَّمَ (١).
قوله : ( يَوْمٌ عَسِيرٌ ) [ ٧٤ / ٩ ] أي شديد ، من قولهم عَسُرَ الأمرُ عُسْراً من باب قرب قربا وعَسَارَةً بالفتح فهو عَسِيرٌ أي صعب شديد. وعَسِرَ الأمرُ عُسْراً من باب تعب وتَعَسَّرَ واسْتَعْسَرَ كذلك. وعَسَرْتُ الغريمَ أَعْسُرُهُ من باب قتل وفي لغة من باب ضرب : طلبت منه الدين ، وأَعْسَرْتُهُ بالألف كذلك. وعَسَرَتِ المرأةُ : إذا عَسَرَ ولادها. وأَعْسَرَ الرجلُ : أضاق. والمُعَاسَرَةُ : ضد المياسرة. والتَّعَاسُرُ : ضد التياسر. والمَعْسُورُ : ضد الميسور ، وهما مصدران ، وعند سيبويه صفتان ولا يجيء المصدر عنده على وزان مفعول ويتأول
__________________
(١) مجمع البيان ج ٥ صلى الله عليه وآله ٥٠٢.