الغذاء ومرور الليل والنهار ، فنقض الله عليهم قولهم في حرف واحد فقال ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ) قال : لو كان هذا كما تقولون لكان ينبغي أن يزيد الإنسان أبدا ما دامت الأشكال قائمة والليل والنهار قائمين والفلك يدور ، فكيف صار يرجع إلى نقصان كلما ازداد في الكبر إلى حد الطفولية ونقصان السمع والبصر والقوة والعلم والمنطق حتى ينقص وينتكس حينئذ الخلق ، ولكن ذلك من تقدير العزيز العليم. قوله : ( إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) [ ٩ / ١٨ ] الآية. فسرت العِمَارَة بمعنيين : الأول رمها وكنسها والإسراج فيها وفرشها. الثاني شغلها بالعبادة وتنحية أعمال الدنيا واللهو واللغط وعمل الصنائع وإكثار زيارتها قال ( وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ ) قيل هو السعي إلى المساجد ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله : قَالَ اللهُ تَعَالَى « إِنَّ بُيُوتِي فِي الْأَرْضِ الْمَسَاجِدُ وَإِنَّ زُوَّارِي فِيهَا عُمَّارُهَا ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ زَارَنِي فِي بَيْتِي ، فَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ ».
وَفِي الْحَدِيثِ « نَهَى عَنْ قَتْلِ عَوَامِرِ الْبُيُوتِ ».
العَوَامِرُ الحيات التي تكون في البيوت ، واحدها عَامِر وعَامِرَة ، وقيل سميت بذلك لطول أعمارها. واعْتَمَرَ الرجلُ : زار البيت. والمُعْتَمِرُ : الزائر ، ومن هنا سميت العُمْرَةُ عمرة لأنها زيارة البيت. يقال اعْتَمَرَ فهو مُعْتَمِرٌ أي زار وقصد ، وفي الشرع زيارة البيت الحرام بشروط مخصوصة مذكورة في محلها ، وجمع العُمْرَة عُمَرٌ وعُمُرَاتٌ مثل غرف وغرفات. وأَعْمَرْتُهُ الدارَ : جعلت له سكناها عمره ، ومنه العُمْرَى وهي من أَعْمَرْتُهُ الشيءَ أي جعلته له مدة عمره أو مدة عمري ، فإذا مات من علقت عليه المدة رجع ذلك الشيء إلى المالك أو الوارث ، وقد مر حكم الرقبى في بابه. و « عَمِرَ الرجلُ » بالكسر من باب تعب يَعْمَرُ عَمَراً وعَمْراً على غير قياس : أي عاش زمانا طويلا.