نقول : ليس المراد به القسم الحقيقي بجعل غيره تعالى مثله في التعظيم ، بل المراد صورته لتزويج المقصود أو الكلام على حذف مضاف أي فبواهب عمري وعمرك ، وهو اسم لمدة الحياة. قوله تعالى : ( وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ) [ ٥٢ / ٤ ]
قِيلَ هُوَ فِي السَّمَاءِ حِيَالَ الْكَعْبَةِ ضَجَّ مِنَ الْغَرَقِ فَرَفَعَهُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ وَبَقِيَ أُسُّهُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ.
والمَعْمُورُ : المأهول ، وعمرانه كثرة غاشيه من الملائكة.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ وَضَعَهُ اللهُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ تَوْبَةً ، وَذَلِكَ حِينَ رَدُّوا عَلَى اللهِ بِقَوْلِهِمْ ( أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ ).
الآية ، لما رُوِيَ أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا ذَلِكَ بَاعَدَهُمُ اللهُ مِنَ الْعَرْشِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ وَأَشَارُوا بِالْأَصَابِعِ ، فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَيْهِمْ فَنَزَلَتِ الرَّحْمَةُ فَوَضَعَ لَهُمُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فَقَالَ : طُوفُوا بِهِ وَدَعُوا الْعَرْشَ فَإِنَّهُ لِي رِضًى فَطَافُوا بِهِ ، وَهُوَ الْبَيْتُ الَّذِي يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَداً ، فَوَضَعَ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ تَوْبَةً لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَوَضَعَ الْكَعْبَةَ تَوْبَةً لِأَهْلِ الْأَرْضِ (١).
قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ) [ ٣ / ٣٣ ] قال الشيخ أبو علي : آل عِمْرَان موسى وهارون فهما ابنا عِمْرَان بن يصهر وعيسى بن مريم بنت عِمْرَان بن ماتان ، وبين العِمْرَانَيْنِ ألف وثمانمائة سنة قوله : ( وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها ) [ ١١ / ٦١ ] أي جعلكم عُمَّارَهَا ، أي سكانها ، وقيل جعلها لكم مدة عمركم وفوض إليكم عمارتها. قوله : ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ) [ ٣٦ / ٦٨ ] قيل هو رد على الزنادقة الذين يبطلون التوحيد ويقولون إن الرجل إذا نكح المرأة وصارت النطفة في رحمها تلقت الأشكال من الغذاء ودار عليه الفلك ومر عليه الليل والنهار ، فيتولد الإنسان بالطبائع من
__________________
(١) تفسير علي بن إبراهيم صلى الله عليه وآله ٣٣ مع اختلاف يسير.