قال الشيخ أبو علي : أي ( قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) اغفروا يَغْفِرُوا ، فحذف المفعول له لدلالة جوابه عليه ( لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ ) أي لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه ، وهو من قولهم « أيام العرب » لوقائعهم ، وقيل لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز. وقوله ( قَوْماً ) والمراد به الذين آمنوا للثناء عليهم. قوله : ( لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) أي يكسبونه من الثواب العظيم باحتمال المكاره وكظم الغيظ ـ كذا في جامع الجوامع.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ : « قُلْ لِلَّذِينَ مَنَنَّا عَلَيْهِمْ بِمَعْرِفَتِنَا أَنْ يُعَرِّفُوا الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، فَإِذَا عَرَّفُوهُمْ فَقَدْ غَفَرُوا لَهُمْ » (١).
قوله : ( وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ ) [ ٩ / ١١٤ ] الآية. الموعدة قوله : ( لَأَسْتَغْفِرَنَ لَكَ ) قوله : ( وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ) [ ١٢ / ٢٩ ] أي سليه المغفرة. قوله : ( وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ) [ ٣ / ١٧ ]
قِيلَ هُوَ صَلَاةُ اللَّيْلِ ، وَقِيلَ الِاسْتِغْفَارُ آخِرَ الْوَتْرِ.
وخص الاسْتِغْفَارَ بالسحر الذي هو آخر الليل لأن العبادة في أشق والنفس أصفى لعدم اشتغالها بتدبير المأكول ولخلو المعدة عنه ، فتوجه النفس بكليتها إلى حضرة الحق تعالى. قوله : ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) [ ٩ / ٨٠ ] قال المفسر في معناه لن يغفر الله لهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم ، والسبعون جار في كلامهم مجرى التمثيل للتكثير.
وَفِي الْخَبَرِ « كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ قَالَ : غُفْرَانَكَ ».
الغُفْرَان مصدر منصوب بفعل مضمر ، أي أطلبه ، وفي تخصيصه بذلك هو أنه توبة من تقصيره في شكر نعم الإطعام وهضمه وتسهيل مخرجه ، فلجأ إلى الاستغفار من التقصير.
وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله « وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللهَ سَبْعِينَ اسْتِغْفَارَةً ». قاله
__________________
(١) البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ١٦٨.