أَنْ يُدْخِلَ الدُّنْيَا كُلَّهَا فِي الْبَيْضَةِ لَا تَصْغَرُ الدُّنْيَا وَلَا تَكْبُرُ الْبَيْضَةُ.
فأجابه بما حاصله عدم امتناع ذلك ، وكأنه جواب إقناعي يقنع به السائل ويرتضيه ويكتفي به ، إذ ما ذكره من الأمور المحالية الممتنعة في ذاتها الممتنعة الوجود في الخارج. والتحقيق ما أجاب به علي عليه السلام حين سئل بذلك ، وهوأَنَّ اللهَ لَا يُوصَفُ بِعَجْزٍ وَالَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ لَا يَكُونُ ، وَمَنْ أَقْدَرُ مِمَّنْ يُلَطِّفُ الْأَرْضَ وَيُعَظِّمُ الْبَيْضَةَ.
و ( الْقادِرُ ) من أسمائه تعالى ، وهو وإن ظهر معناه لكن يحتمل أن يكون بمعنى المُقَدِّر ، قال الله تعالى ( فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ ). ومن أسمائه « المُقْتَدِرُ » وهو مفتعل من القُدْرَة ، والاقْتِدَار أبلغ وأعم ، والقَادِرُ والمُقْتَدِر إذا وصف الله بهما فالمراد نفي العجز عنه فيما يشاء ويريد ، ومحال أن يوصف بِالْقُدْرَةِ المطلقة غير الله تعالى وإن أطلق عليه لفظا. والقَدَرُ : عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور ، وهو مصدر قَدَرَ يَقْدِرُ قَدَراً وقد تسكن داله ، ومنه ( « لَيْلَةِ الْقَدْرِ » ) وهي ليلة تقدر فيها الأرزاق وتقضى ، فالقَدَرُ بالفتح فالسكون ما يقدره الله من القضاء ، وبالفتح ما صدر مقدورا عن فعل القادر.
وَفِي الفَقِيهِ لِلصَّدُوقِ « لَمَّا سَاقَنِي الْقَضَاءُ إِلَى بِلَادِ الْغُرْبَةِ وَحَصَّلَنِي الْقَدَرُ مِنْهَا » (١).
إلى آخر عبارته. ربما اعترض على هذا بأن ظاهرها يعطي الجبر في الأفعال وهو بعيد من مثله. ويمكن الجواب بأن أفعال العباد لما كانت منهم على وفق القضاء الثابت في الأزل والقَدَر الكائن فيما لا يزال كانا كأنهما هما المؤثران في ذلك الفعل ، فأسنده إليهما على طريق المجاز لا الحقيقة ، أو يقال ليس المراد بهما القضاء والقَدَر اللازمين بل المراد بهما الحكم والأمر من الله تعالى كما في قوله ( وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) على ما بينه علي عليه السلام في مسألة من سأله عن مسيرهم
__________________
(١) من لا يحضر ج ١ صلى الله عليه وآله ٢.