إلى الشام وقد تقدم ذلك في قضاء ، أو يقال سبق علم الله في حدوث الكائنات أوجب صدورها من العباد وإلا لانقلب العلم جهلا وذلك لا ينافي القُدْرَةِ الاختيارية للعبد من حيث الإمكان الذاتي ، لإمكان اجتماع الإمكان والوجوب باعتبارين.
وَفِي الْخَبَرِ « كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَسَلُ (١).
وَفِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله « إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدَّرَ التَّقَادِيرَ وَدَبَّرَ التَّدَابِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ ».
وفي الحديث ذكر القَدَرِيَّةِ ، وهم المنسوبون إلى القَدَرِ ويزعمون أن كل عبد خالق فعله ، ولا يرون المعاصي والكفر بتقدير الله ومشيته ، فنسبوا إلى القَدَرِ لأنه بدعتهم وضلالتهم. وفي شرح المواقف قيل القَدَرِيَّةُ هم المعتزلة لإسناد أفعالهم إلى قدرتهم.
وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَدَرِيٌ ».
وهو الذي يقول لا يكون ما شاء الله ويكون ما شاء إبليس. والتَّقْدِير : هو تقدير الشيء من طوله وعرضه كما جاءت به الرواية.
وَفِي الْحَدِيثِ « التَّقْدِيرُ وَاقِعٌ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْإِمْضَاءِ ».
أي واقع على القضاء المتلبس بالإمضاء ، فعلى هنا ـ على ما قيل ـ نهجية ليست للاستعلاء ، وفي كلامه إشارة إلى شيئين : الأول أن التَّقْدِيرَ مشتمل على كل التفاصيل الموجودة في الخارج ، والثاني أنه واسطة بين القضاء والإمضاء. ومعنى القضاء هو النقش الحتمي.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ : وَسُئِلَ عَنِ الْقَدَرِ؟ فَقَالَ « طَرِيقٌ مُظْلِمٌ فَلَا تَسْلُكُوهُ وَبَحْرٌ عَمِيقٌ فَلَا تَلِجُوهُ وَسِرُّ اللهِ فَلَا تَتَكَلَّفُوهُ » (٢).
قال بعض الشارحين : معنى القَدَرِ هنا ما لا نهاية له من معلومات الله فإنه لا طريق لنا ولا إلى مقدوراته ، وقيل القَدَرُ هنا ما يكون مكتوبا في اللوح المحفوظ وما دللنا على تفصيله وليس لنا أن نتكلفه ، ويقال اللوح المحفوظ القَدَر والكتاب القَدَر كأن كل شيء قدر الله كتبته.
__________________
(١) هذا الحديث في مادة عجز كل شيء يقدر حتى العجز والكسل.
(٢) نهج البلاغة ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٢٢.