وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْقَدَرِ؟ فَقَالَ : هُوَ تَقْدِيرُ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ثُمَّ قَضَاهَا وَفَصَلِّهَا.
وَعَنِ الصَّادِقِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : « النَّاسُ فِي الْقَدَرِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَنَازِلَ : مَنْ جَعَلَ لِلْعِبَادِ فِي الْأَمْرِ مَشِيَّةً فِيهِ فَقَدْ ضَادَّ اللهَ ، وَمَنْ أَضَافَ إِلَى اللهِ تَعَالَى شَيْئاً هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ فَقَدِ ( افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ) ، وَرَجُلٌ قَالَ إِنْ رُحِمْتَ فَبِفَضْلِ اللهِ عَلَيْكَ وَإِنْ عُذِّبْتَ فَبِعَدْلِ اللهِ فَذَاكَ الَّذِي سَلِمَ لَهُ دِينُهُ وَدُنْيَاهُ ».
وفي الحديث الحث على تَقْدِيرِ المعيشة وهو التعديل بين الإفراط والتفريط ، وهو من علامات المؤمن. ويقال مَا لَهُ عِنْدِي قَدْرٌ وَلَا قَدَرٌ : أي ما له عندي حرمة ووقار. وإذا وافق الشيء الشيء قيل على قَدَر بالفتح لا غير. والقَدَرُ : ما يقدره الله من القضاء ، وقد سبق في قضى ما يعين على معرفة القَدَر.
وَفِي الدُّعَاءِ « فَاقْدِرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ ».
أي اقض لي به وهيئه. ويقال « ما لي عليه مَقْدَرَةٌ » أي قدرة. ورجل ذو قُدْرَةٍ ومَقْدُرَةٍ ـ بضم الدال وفتحها ـ أي يسار.
وَفِي الْحَدِيثِ « قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ » (١).
قَدْرُهُ منزلته في اعتبار الناس من تعظيم واحتقار ، وهو من لوازم علو همته أو دناءتها ، فعلو همته أن لا يقتصر على بلوغ أمر من الأمور التي يراد بها شرفا وفضيلة حتى يسمو إلى ما وراءها مما هو أعظم ، ويلزم من ذلك تنبيله وتعظيمه ، وصغرها أن يقتصر على محقرات الأمور ، وبحسب ذلك يكون قَدْرُهُ. والإنسان قَادِرٌ مختار : أي إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل. والذي يظهر من كثير من الأحاديث أن العبد ليس قَادِراً تاما على طرفي فعله كما هو مذهب المعتزلة ، وإنما قُدْرَتُهُ التامة على الطرف الذي وقع منه فقط ، وأما على الطرف الآخر فَقُدْرَتُهُ ناقصة. والسبب في ذلك مع تساوي نسبة الأقدار
__________________
(١) نهج البلاغة ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٦٣.