( مذر )
فِي الْحَدِيثِ « الْإِنْسَانُ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ وَآخِرُهُ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ ، وَهُوَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ يَحْمِلُ عَذَرَةً ».
قوله « مَذِرَةٌ » أي خبيثة ، من التَّمَذُّرِ وهو خبث النفس. ومنه « رأيت مذرة ». فَمَذِرَتْ لذلك : أي خبث.
( مرر )
قوله تعالى : ( ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ) [ ٥٣ / ٦ ] أي قوة في عقله ورأيه ومتانة في دينه وصحة في جسمه. قوله : ( فَمَرَّتْ بِهِ ) [ ٧ / ١٨٩ ] أي اسْتَمَرَّتْ به قعدت وقامت. قوله : ( سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) [ ٥٤ / ٢ ] أي قوي شديد ، وقيل مستحكم ، من قولهم حبل مُمَرٌّ أي محكم الفتل ، وقيل دائم مطرد. قوله : ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) [ ٥٤ / ١٩ ] أي دائم الشر ، وقيل قوي في نحوسته ، وقيل مُسْتَمِرٌّ مر ، وقيل إنه يوم الأربعاء لا تدور في الشهر. قوله : ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها ) [ ٢ / ٢٥٦ ]
قِيلَ الْمَارُّ عُزَيْزٌ ، وَقِيلَ إِرْمِيَا أَرَادَ أَنْ يُعَايِنَ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى لِيَزْدَادَ بَصِيرَةً حِينَ خَرَجَ عَلَى حِمَارِهِ وَمَعَهُ تِينٌ تَزَوُّدَهُ وَشَيْءٌ مِنْ عَصِيرٍ فَنَظَرَ إِلَى سِبَاعِ الْبَرِّ وَسِبَاعِ الْبَحْرِ وَسِبَاعِ الْجَوِّ تَأْكُلُ الْجِيَفَ ، فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ : ( أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها ) وَقَدْ أَكَلَتْهُمُ السِّبَاعُ ، فَأَمَاتَهُ اللهُ مَكَانَهُ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ ) الْآيَةَ.
وَفِي الْحَدِيثِ « مَرَارَةُ الدُّنْيَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ ، وَحَلَاوَةُ الدُّنْيَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ » (١).
قال بعض الشارحين : استعار لفظ الْمَرَارَةِ لمشقة الأعمال الصالحة في الدنيا ولما تستعقبه اللذة الدنيوية من الألم والعذاب في الآخرة. ولفظ الحلاوة لما يستعقبه الأعمال الصالحة من لذة السعادة في الآخرة ، ولما في اتباع الدنيا من اللذة وهو ظاهر. وفِيهِ « لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ ». مِرَّةٌ بالكسر : القوة والشدة ،
__________________
(١) نهج البلاغة ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٠٨.