ويريد به الخبر لا الدعاء ، لأنه لو كان دعاء لقال لِيُنْصَرُوا مجزوما ، فكأنه قال والله لا يُنْصَرُونَ. وقيل إن السور التي أولها ( حم ) سور لها شأن ، فنبه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يستظهر به على استنزال النصر من الله تعالى. قوله ( « وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ » ) كلام مستأنف ، كأنه قال قولوا ( حم ) قيل ما ذا يكون لو قلناها فقال ( لا يُنْصَرُونَ ).
وَفِي الْخَبَرِ « نُصِرْتُ بِالصَّبَا » وَذَلِكَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ حِينَ حَاصَرُوا الْمَدِينَةَ فَأُرْسِلَتْ رِيحُ الصَّبَا بَارِدَةً فِي لَيْلَةٍ شَاتِيَةٍ ، فَسَفَّتِ التُّرَابَ فِي وُجُوهِهِمْ وَأَطْفَأَتْ نِيرَانَهُمْ وَقَلَعَتْ خِبَاءَهُمْ فَانْهَزَمُوا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ وَلَا إِهْلَاكِ أَحَدٍ مِنْهُمْ لِحِكْمَةٍ.
وأبو جعفر الْمَنْصُورُ من الخلفاء كان في زمن الصادق عليه السلام (١). وخَواجَا نَصِير اسمه محمد بن محمد بن الحسن الطوسي رحمهالله (٢).
( نضر )
قوله تعالى : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ) [ ٧٥ / ٢٣ ] أي مشرقة من بريق النعيم. قوله : ( لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ) [ ٧٦ / ١١ ] النَّضْرَةُ في الوجه والسرور في القلب. قوله : ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ) [ ٨٣ / ٢٤ ].
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍ : قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام وَيَعْقُوبُ تُعْرَفُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَنَضْرَةُ بِالرَّفْعِ ، وَالْبَاقُونَ ( تَعْرِفُ ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ و ( نَضْرَةَ ) بِالنَّصْبِ.
والمعنى إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض والبهجة.
قَالَ عطا : وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ قَدْ زَادَ فِي جَمَالِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ مَا لَا يَصِفُهُ وَاصِفٌ.
__________________
(١) أبو جعفر منصور الدوانيقي توفي بمكة سنة ١٥٨ ه الكنى والألقاب ج ٢ صلى الله عليه وآله ٣٠٧.
(٢) ولد سنة ٥٩٧ بطوس ، وتوفي في يوم الغدير سنة ٦٧٢ ببغداد الكنى والألقاب ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٠٨.