وفي الحديث كما قيل دلالة على أن الأعمال الصالحة مكفرة للأعمال السيئة ، وهو موافق لمذهب المعتزلة القائلين بالإحباط والتكفير ، وأما على مذهب أهل الموافاة فيشترط التكفير بها ، وجاز توقفه على شرط فتسمية الإطفاء إطفاء باعتبار ما يئول إليه عند حصول شرطه ، تسمية للعلة عند صلاحيتها للتأثير لانضمام ما يكون متمما لها. والنَّائِرَةُ : العداوة ، ومنه « بينهم نَائِرَةٌ » أي شحناء وعداوة. ومنه الْحَدِيثُ « أَطْفِئُوا نَائِرَةَ الضَّغَائِنِ بِاللَّحْمِ وَالثَّرِيدِ ».
وإطفاء النَّائِرَةِ : عبارة عن تسكين الفتنة ، وهي فاعلة من النَّارِ. وفي الحديث تكرر ذكر النُّورَةِ بضم النون ، وهي حجر الكلس ، ثم غلبت على اختلاط يضاف إلى الكلس من زرنيخ وغيره تستعمل لإزالة الشعر.
وَقَوْلُهُ عليه السلام « أَعْطَاكَ مِنْ جِرَابِ النُّورَةِ لَا مِنَ الْعَيْنِ الصَّافِيَةِ ».
على الاستعارة ، والأصل فيه أنه سأل سائل محتاج من حاكم قسي القلب شيئا فعلق على رأسه جراب نُورَةٍ عند فمه وأنفه كلما تنفس دخل في أنفه منها شيء ، فصار مثلا يضرب لكل مكروه غير مرضي. وتَنَوَّرَ الرجل : تطلى بِالنُّورَةِ. والْمَنَارُ بفتح الميم : علم الطريق. والْمَنَارُ : الموضع المرتفع الذي يوقد في أعلاه النَّارُ.
وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ « جَعَلْتَهُمْ أَعْلَاماً لِعِبَادِكَ وَمَنَاراً فِي بِلَادِكَ ».
أي هُدَاةً يَهْتَدَى بهم. ومثله فِي وَصْفِ إِمَامٍ « يُرْفَعُ لَهُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مَنَارٌ يَنْظُرُ مِنْهُ إِلَى أَعْمَالِ الْعِبَادِ ».
وَفِي حَدِيثِ يُونُسَ عليه السلام قَدْ كَثُرَ ذِكْرُ الْعَمُودِ فَقَالَ لِي : يَا يُونُسُ مَا تَرَاهُ أَتَرَاهُ عَمُوداً مِنْ حَدِيدٍ؟ قُلْتُ : لَا أَدْرِي. قَالَ : لَكِنَّهُ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِكُلِّ بَلْدَةٍ يَرْفَعُ اللهُ بِهِ أَعْمَالَ تِلْكَ الْبَلْدَةِ.
« وذو الْمَنَارِ » ملك من ملوك اليمن ، واسمه أبرهة بن الحرث الرائش ، وإنما قيل له ذو الْمَنَارُ لأنه أول من ضرب الْمَنَارَ