لَدُنْ آدَمَ إِلَى وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ هُمْ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ وَحُجَّةُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ ، لَا تَخْلُو الْأَرْضُ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (١).
وَفِي الدُّعَاءِ « أَنْتَ ( نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) ».
أي مُنَوِّرُهُمَا ، أي كل شيء اسْتَنَارَ منهما واستضاء فبقدرتك وبجودك وأضاف النُّورَ إلى السماوات والأرض للدلالة على سعة إشراقه وفشو إضاءته ، وعليه فسر ( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) والنُّورُ : الضياء ، وهو خلاف الظلمة وسمي النبي صلى الله عليه وآله نُوراً للدلالات الواضحة التي لاحت منه للبصائر ، وسمي القرآن نُوراً للمعاني التي تخرج الناس من ظلمات الكفر ، ويمكن أن يقال سمى نفسه تعالى نُوراً لما اختص به من إشراق الجلال وسبحات العظم التي تضمحل الْأَنْوَارُ دونها ، وعلى هذا لا حاجة إلى التأويل ، وجمع النُّورِ أَنْوَارٌ. والتَّنْوِيرُ : الْإِنَارَةُ. و « أحيها إلى النُّورِ » أي إلى الصباح. والتَّنْوِيرُ : الإسفار. وتَنْوِيرُ الشجرة : إزهارها. ونَوَّرَتِ الشجرة وأَنَارَتْ : أي أخرجت نَوْرَهَا. ونَوَّرَتِ المصباح تَنْوِيراً : أزهرته. ونَوَّرْتُ بصلاة الفجر : صليتها في النُّورِ. والنَّارُ مؤنثة بدليل نُوَيْرَةٍ ، والجمع نِيرَانٌ. ومنه حَدِيثُ الصَّلَاةِ « قُومُوا إِلَى نِيرَانِكُمُ الَّتِي أَوْقَدْتُمُوهَا عَلَى ظُهُورِكُمْ فَأَطْفِئُوهَا بِالصَّلَاةِ » (٢).
المراد بِالنِّيرَانِ على قول أهل النظر هي الأعمال القبيحة التي هي سبب لحصول العقاب بِالنَّارِ ، فأطلق اسم النَّارِ عليها مجازا من باب تسمية السبب باسم المسبب ، وإطفاؤها عبارة عن تكفيرها بالطاعة. وأما على قول أهل الباطن فَالنِّيرَانُ هي حقيقتها من حيث إن العمل الحاصل بصورته الظاهرة صورته الحقيقية المعنوية نارا أو جنة ، لا أنهما لا يدركان إلا بعد المفارقة. ومثله قوله : ( إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً ) [ ٤ / ١٠ ].
__________________
(١) البرهان ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٣٤ باختلاف في بعض الألفاظ.
(٢) التهذيب ج ٢ صلى الله عليه وآله ٢٣٨.