السَّمَاءِ وَهَادٍ لِأَهْلِ الْأَرْضِ » (١).
والنُّورُ : كيفية ظاهرة بنفسها مظهرة لغيرها ، والضياء أقوى منه وأتم ، ولذلك أضيف للشمس ، وقد يفرق بينهما بأن الضياء ضوء ذاتي والنُّورُ ضوء عارضي. قوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ ) [ ٢٤ / ٤٠ ] قال المفسر : أي من لم يجعل الله له نُوراً بتوفيقه ولطفه فهو في ظلمة الباطل لا نُورَ له.
قَوْلُهُ : ( وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ) [ ٥٨ / ٢٨ ] يَعْنِي إِمَاماً تَأْتَمُّونَ بِهِ ـ عَنِ الْبَاقِرِ عليه السلام
وَعَنْهُ فِي قَوْلِهِ : ( فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا ) [ ٦٤ / ٨ ] قَالَ : النُّورُ وَاللهِ الْأَئِمَّةُ ، وَهُمُ الَّذِينَ يُنَوِّرُونَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيَحْجُبُ اللهُ نُورَهُمْ عَمَّنْ يَشَاءُ فَتُظْلَمُ قُلُوبُهُمْ.
قوله : ( مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ ) [ ٢٤ / ٣٥ ] الآية. ذهب أكثر المفسرين إلى أنه نبينا محمد صلى الله عليه وآله ، فكأنه قال مثل محمد صلى الله عليه وآله وهو المشكاة ، والمصباح قلبه ، والزجاجة صدره شبهه بالكوكب الدري ثم رجع إلى قلبه المشبه بالمصباح ، فقال ( يُوقَدُ ) هذا المصباح ( مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ ) يعني إبراهيم عليه السلام ، لأن أكثر الأنبياء من صلبه أو شجرة الوحي ( لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) ، أي لا نصرانية ولا يهودية لأن النصارى يصلون إلى المشرق واليهود إلى المغرب ، يكاد أعلام النبوة تشهد له قبل أن يدعو إليها.
وَعَنِ الْبَاقِرِ عليه السلام قَوْلُهُ ( كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) هُوَ نُورُ الْعِلْمِ فِي صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله ، وَالزَّجَاجَةُ صَدْرُ عَلِيٍّ عليه السلام عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله فَصَارَ صَدْرُهُ كَزُجَاجَةٍ ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ، وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) يَكَادُ الْعِلْمُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله يَتَكَلَّمُ الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ ، ( نُورٌ عَلى نُورٍ ) أَيْ إِمَامٌ مُؤَيَّدٌ بِالْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ فِي أَثَرِ إِمَامٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله ، وَذَلِكَ مِنْ
__________________
(١) البرهان ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٣٣ عن الرّضا عليه السلام.