عليه السلام فَقَالَ : يَا رُشَيْدُ كَيْفَ صَبْرُكَ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْكَ دَعِيُّ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَطَعَ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ وَلِسَانَكَ؟ قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آخِرُ ذَلِكَ الْجَنَّةُ؟ قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : يَا رُشَيْدُ أَنْتَ مَعِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَ : وَاللهِ مَا ذَهَبَتِ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ الدَّعِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ فَدَعَاهُ إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَبَى فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ ، وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَدْ أَلْقَى إِلَيْهِ عِلْمَ الْبَلَايَا وَالْمَنَايَا ، فَكَانَ فِي حَيَاتِهِ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ قَالَ لَهُ : يَا فُلَانُ تَمُوتُ بِمِيتَةِ كَذَا وَكَذَا وَتُقْتَلُ أَنْتَ يَا فُلَانُ بِقِتْلَةِ كَذَا وَكَذَا ، فَيَكُونُ كَمَا يَقُولُ رُشَيْدٌ. وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَهُ : أَنْتَ رُشَيْدُ الْبَلَايَا (١).
وهو لِرِشْدَةٍ ـ بكسر الراء والفتح لغة ـ أي صحيح النسب ، ولغير رِشْدَةٍ بخلافه ، وعن الأزهري والفتح في لِرَشْدَةٍ ولِزَنْيَةٍ أفصح من الكسر.
( رصد )
قوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ ) [ ٨٩ / ١٤ ] قال الشيخ أبو علي : أي على طريق العباد ، فلا يفوته شيء من أعمالهم لأنه يسمع ويرى جميع أحوالهم وأفعالهم.
وَعَنِ الصَّادِقِ عليه السلام « هِيَ قَنْطَرَةٌ عَلَى الصِّرَاطِ لَا يَجُوزُهَا عَبْدٌ بِمَظْلِمَةٍ » (٢).
ثم قال : وقيل لأعرابي أين ربك : قال : بِالْمِرْصَادِ ، وليس يريد به المكان.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْآيَةِ قَالَ : إِنَّ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ سَبْعَ مَحَابِسَ يَسْأَلُ اللهُ الْعَبْدَ عَنْهَا : أَوَّلُهَا عَنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَإِذَا جَاءَ بِهَا تَامَّةً جَازَ إِلَى الثَّانِي ، فَيَسْأَلُ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِذَا جَاءَ بِهَا تَامَّةً جَازَ إِلَى الثَّالِثِ ، فَيَسْأَلُ عَنِ الزَّكَاةِ فَإِذَا جَاءَ بِهَا تَامَّةً جَازَ إِلَى الرَّابِعِ ، فَيَسْأَلُ عَنِ الْصَّوْمِ فَإِذَا جَاءَ بِهِ تَامّاً جَازَ إِلَى الْخَامِسِ ، فَيَسْأَلُ عَنِ الْحَجِّ فَإِنْ جَاءَ بِهِ تَامّاً جَازَ إِلَى السَّادِسِ فَيَسْأَلُ عَنِ الْعُمْرَةِ فَإِنْ جَاءَ بِهَا تَامَّةً جَازَ إِلَى السَّابِعِ ، فَيَسْأَلُ عَنِ الْمَظَالِمِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا وَإِلَّا يُقَالُ انْظُرُوا فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أَكْمَلَ بِهِ أَعْمَالَهُ ، فَإِذَا فَرَغَ انْطَلِقْ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ (٣).
__________________
(١) رجال الكشي صلى الله عليه وآله ٧١ ـ ٧٢.
(٢) البرهان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٤٥٨.
(٣) مجمع البيان ج ٥ صلى الله عليه وآله ٤٨٧.