المعارضة في القول الأول فنص كتاب الله قال الله تعالى ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ ) (١) .. وقال تعالى ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (٢) ولا نرضى الكفار ولا يكونون ذوي عدل ويعارض بالإجماع لأنه قد أجمع المسلمون ان شهادة الفاسق لا تجوز والكفار فساق وأجمعوا أيضا أن شهادة الكفار لا تجوز على المسلمين في غير هذا الموضع الذي قد اختلف فيه فيرد ما اختلف فيه إلى ما أجمع عليه وهذه احتجاجات بينة .. واحتج من خالفنا بكثرة من قال ذلك القول وأنه قد قال صحابيان وليس ذلك في غيره ومخالفة الصحابة إلى غيرهم ينفر منها أهل العلم فيجعل هذا على الضرورة كما تقصر الصلاة في السفر وكما يكون التيمم فيه والإفطار في شهر رمضان قيل له هذه الضرورات إنما تكون في الحال وليس كذا الشهادة وعورض من قال بنسخ الآية أنه لم يأت هذا عن أحد ممن شهد التنزيل وأيضا فان في القولين جميعا شيئا من العربية غامضا وذلك أن معنى آخر في العربية آخر من جنس الأول يقول مررت بكريم وكريم آخر فقولك آخر يدل على أنه من جنس الأول ولا يجوز عند أهل العربية مررت بكريم وخسيس آخر ولا مررت برجل وحمار آخر فوجب من هذا أن يكون بمعنى اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم من عشيرتكم من المسلمين على انه قد عورض لأن في أول الآية ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ) فخوطب الجماعة من المؤمنين فيقال لمن عارض لهذا هذا موجود في اللغة كثير يستغني عن الاحتجاج .. والقول الرابع ان الشهادة بمعنى الحضور معروف في اللغة وقد احتج قائله بأن الشاهد لا يكون عليه يمين في شيء من الاحكام غير هذا المختلف فيه فيرد الاختلاف فيه الى ما أجمع عليه لأنه يقال شهدت وصية فلان أي حضرت .. والقول الخامس ان الشهادة بمعنى اليمين معروف يكون التقدير فيها شهادة أحدكم أي يمين أحدكم أن يحلف اثنان وحقيقته في العربية يمين اثنين مثل ( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ) (٣) قرأ عليّ .. علي بن سعيد بن بشير الرازي عن صالح بن عبد الله الرمدي قال حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال .. كان تميم الداري وعدي بن بداء يختلفان الى مكة للتجارة فخرج معهم رجل من بني سهم فتوفي بأرض ليس فيها مسلّم فأوصى اليهما فدفعا تركته الى أهله وحبسا خاما من فضة مخوصا بالذهب فقده
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٢٨٢
(٢) سورة : الطلاق ، الآية : ٢
(٣) سورة : يوسف ، الآية : ٨٢