الآخرة ان ماتوا على الكفر فهذان قولان لمن قال إنها محكمة .. والقول الثالث قول الضحاك كما قرئ .. على إبراهيم بن موسى الحوري عن يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا وكيع قال حدثنا سلمة بن نبيط عن الضحاك في قول الله تعالى ( وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (١) قال المؤمن من أهل مكة .. [ قال أبو جعفر ] جعل الضميرين مختلفين وهو قول حسن وإن كان محمد بن جرير قد أنكره لأنه زعم أنه لم يتقدم للمؤمنين ذكر فيكنى عنهم وهذا غلط لأنه قد تقدم ذكر المؤمنين في غير موضع من السورة فإن قيل لم يتقدم ذكرهم في هذا الموضع فالجواب أن في المعنى دليلا على ذكرهم في هذا الموضع وذلك ان من قال من الكفار اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء انما قال هذا مستهزئا ومتعنتا ولو قصد الحق لقال اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له ولكنه كفر وأنكر أن يكون الله يبعث رسولا بوحي من السماء أي اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فاهلك الجماعة من الكفار والمسلمين فهذا معنى ذكر المسلمين فيكون المعنى كيف يهلك الله المسلمين فهذا المعنى ( وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) يعني المؤمنين ( وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ ) يعني الكافرين وقول ابن أبزى كقول الضحاك ( وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) يعني الفئة المسلمة التي كانت بمكة فلما خرجوا قال الله عز وجل ( وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ ) يعني الكفار .. والقول الخامس قول قتادة والسدي وابن زيد قالوا ( وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) أي لو استغفروا .. [ قال أبو جعفر ] وهذا أبين ما قيل في الآية لا تعسف فيه كما يقول ما لي لا أسيء اليك وأنت تحسن الرأي لو أحسنت اليّ ما أسأت اليك فيكون المعنى ( وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ ) وهذا حالهم أي لو استغفروا من الكفر وتابوا ( وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ ) أي وما شأنهم وما يمنعهم أن يعذبهم الله وهم مصرون على الكفر والمعاصي فقد استحقوا العذاب .. واختلفوا في الآية الرابعة.
باب
ذكر الآية الرابعة
قال الله تعالى ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها ) (٢) حدثنا .. أحمد بن محمد بن نافع
__________________
(١) سورة : الأنفال ، الآية : ٣٣
(٢) سورة : الأنفال ، الآية : ٦١