قال أنبأنا سلمة قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ ) قال الصلح ( فَاجْنَحْ لَها ) قال نسختها ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) (١) وروي عن ابن عباس ان الناسخ لها ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ) (٢) .. [ قال أبو جعفر ] القول في أنها منسوخة لا يمتنع لأنه أمر بالاجابة الى الصلح والهدية بغير شرط فلما قال عز وجل ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ) (٢) حظر الصفح والهدية مع قوة اليد والاستعلاء على المشركين والبين في باب النظر أن تكون منسوخة وأن تكون الثانية مثبتة الأولى .. ومن العلماء من يقول في الآية الخامسة أنها منسوخة.
باب
ذكر الآية الخامسة
قال الله تعالى ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (٣) في رواية ابن أبي نجيح وعثمان عن عطاء عن ابن عباس قال نسختها ( الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً ) (٤) الآية .. وقرئ .. على محمد بن جعفر بن حفص عن يوسف بن موسى قال حدثنا يزيد بن هارون قال أنبأنا جرير بن حازم عن الزبير بن حريث عن ابن عباس قال .. كان فرض على المسلمين أن يقاتل الرجل منهم العشرة من المشركين قال ( إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ ) (٣) فشق ذلك عليهم فأنزل الله تعالى التخفيف فجعل على الرجل أن يقاتل اثنين فخفف عنهم ونقصوا من الصبر بقدر ذلك .. [ قال أبو جعفر ] وهذا شرح بيّن حسن أن يكون هذا تخفيفا لا نسخا لأن معنى النسخ رفع حكم المنسوخ ولم يرفع حكم الأول لأنه لم يقل فيه لم يقاتل الرجل عشرة بل ان قدر على ذلك فهو الاختيار له ونظير هذا افطار الصائم في السفر لا يقال انه نسخ للصوم وانما هو تخفيف رخصة والصيام له أفضل .. قال ابن شبرمة وكذا النهي عن المنكر لا يحل له أن يفرّ من اثنين اذا كانا على منكر وله أن يفرّ من أكثر منهما .. ومن العلماء من أدخل الآية السادسة في الناسخ والمنسوخ.
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآية : ٥
(٢) سورة : محمد ، الآية : ٣٥
(٣) سورة : الأنفال ، الآية : ٦٥
(٤) سورة : الأنفال ، الآية : ٦٦