يمنع اليهود ولا النصارى من دخول المسجد الحرام ولا من سائر المساجد لأن المشركين هم أهل الاوثان فجعلوا قول الله تعالى ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) (١) مخصوصا به من لا كتاب له .. [ قال أبو جعفر ] وهذا القول في كتاب الله نصا ما يدل على خلافه قال الله تعالى ( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ ) (٢) الى قوله ( عَمَّا يُشْرِكُونَ ) فهذا شيء قاطع فان أشكل على أحد أنهم لم يجعلوا لله شريكا فكيف يقال لهم مشركون .. قيل لهذا نظائر من أصول الدين يعرفها أهل اللغة ويحتاج الناس جميعا الى معرفتها وهي الأسماء الديانية وذلك أنه يقال آمن بكذا اذا صدق ثم قيل مؤمن لمن صدق محمدا صلىاللهعليهوسلم وهو اسم دياني وكذا منافق اسم وقع بعد الاسلام وكذا لكل ما أسكر كثيره خمر اسم اسلامي كما صح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كل مسكر خمر وكذا كل من كفر بمحمد صلىاللهعليهوسلم مشرك .. وفي هذا قول آخر كان أبو اسحاق الزجاج يخرجه على أصول الاشتقاق المعروفة قال لما كان محمدا صلىاللهعليهوسلم قد جاء من البراهين بما لا يكون الا من عند الله تعالى وكان من كفر به قد ينسب ما لا يكون الا من عند الله الى غير الله كان مشركا .. وقد أدخلت الآية الرابعة في الناسخ والمنسوخ.
باب
ذكر الآية الرابعة
قال عز وجل ( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٢) الآية .. من العلماء من يقول هذه الآية ناسخة للعفو عن المشركين لأنه كان قتالهم ممنوعا منه فنسخ الله ذلك كما حدثنا .. بكر بن سهل قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال وقوله ( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) فنسخ بهذا العفو عن المشركين .. وقيل هذا ناسخ لقوله ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) (٣) .. وقيل بل هو تبيين لما قال الله تعالى ( وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ ) (٤) وأمر في أهل الكتاب بأخذ الجزية علم انه يراد بالمشركين غير أهل الكتاب .. وقيل لما قال جل ثناؤه ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) وجب قتل كل مشرك الا من نص عليه من أهل الكتاب ومن قامت
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآية : ٢٨
(٢) سورة : التوبة ، الآية : ٢٩
(٣) سورة : التوبة ، الآية : ٥
(٤) سورة : التوبة ، الآية : ٣٦