بترك قتله الحجة من النساء والصبيان .. ومن قامت بأخذ الجزية منه الحجة وهم المجوس وقائل هذا يقول بقتل الرهبان اذا لم يؤدوا الجزية لقول الله تعالى ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) ولم تقم الحجة بتركهم الا بعد اداء الجزية بالآية الاخرى .. ومن الفقهاء من يقول لا تقتل الرهبان وان لم يؤدوا الجزية ليس في نص القرآن ما يدل على ذلك يعرفه أهل اللسان الذي نزل القرآن بلغتهم قال الله تعالى ( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) وقاتلوا في اللغة لا يكون الا من اثنين فخرج من هذا الرهبان والنساء والصبيان لأنهم ليست سبيلهم أن يقاتلوا ومعنى ( لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ) لا يؤمنون بانه لا معبود الا الله قال سيبويه الاصل إله وقال الفراء الاصل الإله ثم القيت حركة الهمزة على اللام ثم أدغم فالتقدير قاتلوا الذين لا يؤمنون بالإله لانه لا تصلح الألوهة إلا له لانه ابتدع الاشياء ولا باليوم الآخر لأنهم لا يقرون بنعيم أهل الجنة ولا بالنار لمن أعدها الله له حتى يعطوا الجزية عن يد وهي فعلة من جزى فلان فلانا يجزيه أي قضاه أي لا يؤدون ما عليهم مما يحفظ رقابهم ويدينون به عن يد .. وقد تكلم العلماء في معناه فمما حفظ فيه عن صحابي ان معنى عن يد أي يؤديها وهو قائم والآخذ منه قاعد هذا عن المغيرة بن شعبة وهو قول عكرمة وقيل عن يد عن انعام عليهم وقيل عن يد أي يؤديها بيده ولا يوجه بها مع رسول .. [ قال أبو جعفر ] معنى عن يد من كلام العرب وهو دليل يقول ادّ أداءك عن يده وعن يد وحكى سيبويه بايعته يدا بيد وهم صاغرون قال عكرمة إعطاؤه اياها صغارا له وقال غيره وأحكام المسلمين جارية عليهم .. وقد أدخلت الآية الخامسة في ذكر الناسخ والمنسوخ.
باب
ذكر الآية الخامسة
قال عز وجل ( إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً ) (١) .. حدثنا عليل بن أحمد قال حدثنا محمد بن هشام قال حدثنا عاصم بن سليمان عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس ( إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً ) .. قال نسختها ( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ) (٢) الآية وكذا قال الحسن وعكرمة .. وقال غيرهما الآيتان محكمتان لأن قوله تعالى ( إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً ) معناه اذا احتيج اليكم واذا استنفرتم .. هذا مما لا ينسخ لأنه وعيد وخبر وقوله
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآية : ٣٩
(٢) سورة : التوبة ، الآية : ١٢٢