باب
ذكر الآية الثامنة
قال عز وجل ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) (١) الآية .. من العلماء من قال هي منسوخة بقوله ( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ) (٢) الآية .. وفي رواية جبير عن الضحاك عن ابن عباس ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) (١) .. فقال لأزيدن على السبعين فنسختها ( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ ) (٣) فهذا قول .. ومن العلماء من قال ليست بمنسوخة وانما هذا على التهديد لهم أي لو استغفر لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما غفر لهم .. وقال قائل هذا القول لا يجوز أن يستغفر رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمنافق لأن المنافق كافر بنص كتاب الله تعالى ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ ) (٤) الى قوله ( ثُمَّ كَفَرُوا ) (٤) .. وقال من احتج بأنها منسوخة الآثار تدل على ذلك كما روى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضياللهعنه ( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ) قال لما مات عبد الله بن أبيّ بن سلول أتى ابنه وقومه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكلموه أن يصلي عليه ويقوم على قبره فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليصلي عليه قال عمر فقمت بينه وبين الجنازة فقلت يا رسول الله أتصلي عليه وهو الفاعل كذا وكذا يوم كذا وكذا وهو الراجع بثلث الناس يوم أحد وهو القائل يوم كذا وكذا كذا وهو الذي يقول ( لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ) (٥) فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول أخر عني يا عمر وجعل عمر يردد عليه فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخر عني يا عمر فلو أني أعلم أني لو استغفرت لهم أكثر من سبعين مرة غفر لهم لاستغفرت لهم فصلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووقف على قبره حتى
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآية : ٨٠
(٢) سورة : التوبة ، الآية : ٨٤
(٣) سورة : المنافقون ، الآية : ٦
(٤) سورة : المنافقون ، الآيات : ١ ، ٣
(٥) سورة : المنافقون ، الآية : ٧