والرحم ألا أرسل اليهم فمن أتاه فهو آمن فأرسل النبي صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله تعالى ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ) (١) الى قوله ( حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ ) (٢) وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم والأحكام وحالوا بينه وبين البيت .. [ قال أبو جعفر ] في هذا الحديث من الناسخ والمنسوخ والآداب والأحكام من الحج والجهاد وغيرهما ومن تفسير وغيره نيف وثلاثون موضعا نذكرها موضعا موضعا ان شاء الله تعالى .. فمن ذلك الوقوف على أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذين كانوا بالحديبية بضع عشرة مائة وهم الذين قد أنزل الله فيهم ( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ) (٣) وان البضع يقع لأربع قال جابر بن عبد الله كنا ألفا وأربعمائة وان المائة بعد عدد الواحد .. وفيه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما أراد العمرة من المدينة أهلّ من ذي الحليفة سنة ست ثم أقام الأمر على ذلك كما روى مالك عن نافع عن ابن عمر ان النبي صلىاللهعليهوسلم قال يهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وذكر الحديث .. وفيه أن الإحرام من الميقات أفضل من الإحرام من بلد الرجل لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم منه أحرم بعمرة في هذا الوقت .. وفيه أيضا أنه ليس معنى قوله تعالى ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) (٤) ان يحرم الإنسان من دويرة أهله ولو كان كذا لكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أولى الناس بالعمل به فإن قيل فقد قال علي بن أبي طالب اتمام العمرة أن تحرم من دويرة أهلك قيل هذا يتأول على أنه خاص لمن كان بين الميقات ومكة كما روى ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم من كان أهله دون الميقات فمهلّه من حيث كان أهله كما يهلّ أهل مكة من مكة .. وفيه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أشعر البدن فكانت هذه سنة على خلاف ما يقوله الكوفيون أنه لا يجوز إشعار البدن قرئ .. على أحمد بن شعيب عن العباس بن عبد العظيم قال أنبأنا عثمان بن عمر قال أنبأنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن عائشة رضياللهعنها قالت قلد رسول الله صلىاللهعليهوسلم هديه بيده وأشعره ثم لم يحرّم شيئا كان الله أحلّه له وبعث بالهدي مع أبي .. [ قال أبو جعفر ] فدل هذا الحديث على خلاف ما يقوله الكوفيون لأنهم زعموا ان الإشعار منسوخ بنهي النبي صلىاللهعليهوسلم عن المثلة ونهي النبي صلىاللهعليهوسلم عن المثلة إنما كان في وقعة أحد وقيل في وقعة خيبر وحج أبو بكر رضياللهعنه بالناس بعد ذلك فكان الإشعار بعد فمحال أن ينسخ الأول الآخر وقد كان
__________________
(١) سورة : الفتح ، الآية : ٢٤
(٢) سورة : الفتح ، الآية : ٢٦
(٣) سورة : الفتح ، الآية : ١٨
(٤) سورة : البقرة ، الآية : ١٩٦