مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم .. رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة فكره ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان .. وهكذا يروى أن عمر بن عبد العزيز كتب : لا تقتلوا النساء ولا الصبيان ولا الرهبان في دار الحرب فتعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .. والدليل على هذا من اللغة أن فاعلا يكون من اثنين فإنما هو من أنك تقاتله ويقاتلك وهذا لا يكون في النساء ولا الصبيان .. ولهذا قال من قال من الفقهاء لا يؤخذ من الرهبان جزية لقول الله عز وجل ( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (١) الى ( حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ) (١) وليس الرهبان ممن يقاتل .. والمعنى وقاتلوا في طريق الله وأمره الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا فتقتلوا النساء والصبيان والرهبان ومن أعطى الجزية فصح أن الآية غير منسوخة (٢) .. وقد تكلم العلماء في الآية الثالثة عشرة.
باب
ذكر الآية الثلاث عشرة
قال الله عز وجل ( وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ ) (٣) هذه الآية من أصعب ما في الناسخ والمنسوخ .. فزعم جماعة من العلماء أنها غير منسوخة واحتجوا بها وبأشياء من السنن .. وزعم جماعة أنها منسوخة واحتجوا بآيات غيرها وبأحاديث من السنن .. فمن قال أنها غير منسوخة مجاهد روى عنه ابن أبي نجيح أنه قال فإن قاتلوكم في الحرم فاقتلوهم لا يحل لأحد أن يقاتل أحدا في الحرم إلا أن يقاتله فإن عدا عليك فقاتلك فقاتله وهذا قول طاوس أيضا والاحتجاج لهما بظاهر الآية ومن الحديث بما حدثنا أحمد بن شعيب قال أنبأنا محمد بن رافع قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا مفضل وعمر بن مهلهل عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس .. قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم فتح مكة : « ان هذا البلد حرام حرمه الله لم يحل فيه القتال لأحد قبلي وأحل لي ساعة وهو حرام بحرمة الله عز وجل » .. وأما من قال أنها منسوخة فمنهم قتادة كما قرأ عليّ عبد الله بن أحمد بن عبد السلام عن أبي الأزهر قال حدثنا
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآية : ٢٩
(٢) قلت قال ابن حزم الآية منسوخة وناسخها قوله تعالى ( فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ) .. وقال ابن سلامة الآية منسوخة بآية السيف.
(٣) سورة : البقرة ، الآية : ١٩١