عبيد الله قال حدثنا يزيد قال أنبأنا سعيد عن قتادة في قوله ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ) فكان كذلك حتى نسخ هاتان الآيتان في براءة ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) (١) ثم قال عز وجل ( وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ) (٢) والأشهر الحرام عهد كان بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين مشركي قريش انسلاخ أربعة أشهر بعد يوم النحر لمن كان له عهد ومن لم يكن له عهد فإلى انسلاخ المحرم فأمر الله نبيّه صلىاللهعليهوسلم اذا انسلخت الأشهر الحرم الاربعة أن يقاتل المشركين في الحرم وغيره حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله [ قال أبو جعفر ] هذه الأشهر التي ذكرها قتادة وقال هي الحرم هي أشهر السياحة فسماها حرما لأنه حظر القتال فيها .. فأما الأشهر الحرم فهن أربعة والعلماء يختلفون باللفظ فيها .. فمن أهل المدينة من يقول أولها ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب .. ومنهم من بدأ برجب .. وأهل الكوفة يقولون أولها المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة وينكرون ما قاله المدنيون وقالوا قولنا أولى ليكون من سنة واحدة .. ومن قال من المدنيين أولها رجبا احتج بقوله صلىاللهعليهوسلم قدم المدينة في شهر ربيع الأول فوجب أن يكون أولها رجبا على هذا [ قال أبو جعفر ] والأمر على هذا كله سهل لأن الواو لا تدل على الثاني بعد الأول عند أحد من النحويين علمته فإذا كان الأمر على هذا فالأولى أن يؤتى بالأشهر الحرم على ما لفظ به رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأدى عنه بالأسانيد الصحاح وهو قول المدنيين الأول .. وروى أبو بكرة وغيره أن النبي صلىاللهعليهوسلم خطب فقال ان الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والارض والسنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان [ قال أبو جعفر ] وقد قامت الحجة بأن قوله عز وجل ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ ) منسوخ بما ذكرناه من نص القرآن وقول العلماء وأيضا فان النقل يبين ذلك لأنه نقل الينا أن هذه الآية نزلت في جمادى الآخرة أو في رجب في السنة الثانية من هجرة رسول الله صلىاللهعليهوسلم الى المدينة وقد قاتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم هوازن بخيبر وثقيفا بالطائف في شوال وذي القعدة وذو القعدة من الأشهر الحرم وذلك في سنة ثماني من الهجرة [ قال أبو جعفر ] فهذا ما في القتال والجهاد من الناسخ والمنسوخ في هذه السورة مجموعا بعضه الى بعض .. ثم نرجع الى ما فيها من ذكر الحج في الآية السبع عشرة.
__________________
(١) سورة : التوبة ، الآية : ٥
(٢) سورة : التوبة ، الآية : ٣٦