نزلت في هذا وحكم أهل الكتاب كحكمهم فأما دخول الألف واللام فللتعريف لأن المعنى لا إكراه في الإسلام .. وفي ذلك قول آخر يكون التقدير لا إكراه في دين الإسلام والألف واللام عوض من المضاف إليه مثل قوله يصهر به ما في بطونهم والجلود أي وجلودهم .. واختلف العلماء في الآية الثامنة والعشرين .. قال بعضهم هي ناسخة .. وقال بعضهم نزلت في شيء بعينه غير ناسخة .. وقال بعضهم هي عامة.
باب
ذكر الآية الثامنة والعشرين
قال عز وجل ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) (١) فمن قال أنها ناسخة احتج بأن الإنسان في أول الإسلام كان اذا أعسر من دين عليه بيع حتى يستوفي المدين دينه منه فنسخ الله ذلك بقوله جل ثناؤه ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) .. ويدل على هذا القول ان أحمد بن محمد الأزدي قال حدثنا .. إبراهيم بن أبي داود قال حدثنا يحيى بن صالح الوجاطي قال حدثنا مسلّم بن خالد الربحي عن زيد بن أسلّم عن عبد الرحمن بن السلماني .. قال كنت بمصر فقال لي رجل ألا أدلك على رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم .. فقلت بلى وأشار الى رجل فجئته فقلت من أنت يرحمك الله فقال أنا سرق .. فقلت سبحان الله ما ينبغي لك أن تسمى بهذا الاسم وأنت رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم .. فقال إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سماني سرقا فلن أدع ذلك أبدا قلت ولم سماك سرقا قال لقيت رجلا من أهل البادية ببعيرين له يبيعهما فابتعتهما منه وقلت له انطلق معي حتى أعطيك فدخلت بيتي ثم خرجت من خلف خرج لي وقضيت بثمن البعيرين حاجة لي وتغيبت حتى ظننت أن الأعرابي قد خرج فخرجت والأعرابي مقيم فأخذني فقدم الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته الخبر .. فقال صلىاللهعليهوسلم : « ما حملك على ما صنعت؟ قلت قضيت بثمنهما حاجة يا رسول الله قال فاقضه قلت ليس عندي قال أنت سرق اذهب به يا أعرابي فبعه حتى تستوفي حقك » .. قال فجعل الناس يساومونه بي ويلتفت اليهم فيقول ما تريدون فيقولون نريد أن نبتاعه فقال فو الله ما منكم أحد أحوج اليه مني اذهب فقد أعتقتك .. قال أحمد بن محمد الأزدي ففي هذا الحديث بيع الحرّ في الدين وقد كان ذلك في أول الاسلام يباع من عليه دين فيما عليه من الدين إذا لم يكن له مال يقضيه عن نفسه حتى نسخ الله تعالى ذلك فقال
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٢٨٠