ولئن سلّم إمكان نسبة ذلك إلى بعض القائلين بالصحّة ، فلا يصحّ نسبته إلى كلّهم.
ومثلهما أيضاً الثالث ؛ لأنّ ذلك وإنْ كان خلافيّاً إلّا إنّه لا يمكن نسبته إلى جميع القائلين بالصحّة. فلا بدّ من وجه آخر.
وبيانه : أنّ الزيادة المبطلة هي التي يتحقّق بها تغيير هيئة الصلاة ، وهذا النحو من الركوع ليس كذلك ؛ لأنّ صورته كصورة الهُويّ إلى السجود ، وهو الذي وجّه به الصحّة في ( المدارك ) (١).
وما يقال من أنّه إذا اطمأنّ في الركوع قبل الإرسال فقد غيّر هيئة الصلاة ؛ لخروجه بذلك عن صورة الهويّ إلى السجود ، ويتحقّق التغيير زيادة على ذلك لو أتى بذكر الركوع أيضاً.
فيه : أنّ محلّ الكلام لا يختصّ بتلك الصورة ، بل يشمل ما لو لم يتحقّق منه إلّا مسمّى الركوع من دون طمأنينة فذكر فأرسل نفسه ، فلا وجه حينئذ للقول بالبطلان في هذه الصورة ؛ إذ لا يتحقّق بها تغيير الهيئة ، مع أنّا نقول : لا يتحقّق التغيير وإنْ اطمأن وأتى بالذكر. ولذا لا إشكال في أنّه يصحّ لمن هوى إلى السجود أن يطمئن إذا بلغ حدّ الراكع ، ويأتي بذكر الركوع بقصد مطلق الذكر لا بقصد الخصوصيّة ، فلو كان ذلك مغيّراً لهيئة الصلاة لما صحّ.
فإنْ قيل : إذا سلّمتم صدق الركوع على هذا النحو من الانحناء وإنْ لم ينضمّ إلى طمأنينة وذكر ورفع الرأس ، فلا بدّ من التزام خروج رفع الرأس عن مسمّى الركوع ، وحينئذ فينبغي الحكم بصحّة الصلاة حتى لو رفع رأسه من هذا الانحناء ؛ إذ المفروض أنّ مجرّد تحقّق هذا الانحناء سهواً لا يبطل الصلاة ، ورفع الرأس خارجٌ عن مسمّاه ، وهو أيضاً إذا كان سهواً لا يبطل.
قلنا : الحكم بالبطلان في صورة الرفع ؛ لأنّه به يكون الركوع مغيّراً للهيئة ، ولا امتناع في كون الانحناء بمجرّده لا يغيّر الهيئة ، لكنّه يغيّرها إذا تعقّبه رفع الرأس فيكون
__________________
(١) مدارك الأحكام ٤ : ٢٢٤.